للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السيفُ من يده، فرمى بنفسه إلى الأرض، فضربه أُخرى، فوقعت في عُنُق الفرس، فأَتْلَفَتْه وحال بينهما الفرس، [وأدركته العساكر] (١) وكانوا بصَيدنايا وجبة عسال (٢)، وانهزم إيلبا، وعادَ شمسُ الملوك إلى دمشق سالمًا، وبثَّ الغِلْمان في طلبه، فقاتلهم، ثم ظفروا به، فلما جاؤوا به إليه قال [له] (٣): ما الذي حَمَلك على ما صنعتَ؟ قال: لم أفعله إلا تقرُّبًا إلى الله تعالى لأريح المسلمين منك، لأنَّك قد ظلمت المساكين، وضعفاء النَّاس [من أهل الضّياع والمتعيشين] (٣)، وإن معي فلانًا وفلانًا، وكلُّنا اتفقنا عليك. فجمع المتهومين، وقَتَلَ الجميعَ صبرًا، وأولُ ما قَتَلَ إيلبا [ولامه النَّاسُ حيث قَتَلَ الغِلْمان بقولِ هذا الجاني من غير بينة ظهرت] (٣)، ولم يكفه قَتْلُ المتهومين ظُلْمًا حتى اتَّهم أخاه سونج، فتركه في بيتٍ، وسدَّ عليه الباب، فمات جوعًا، ثم بالغ في سَفْكِ الدِّماء والظلم والأفعال القَبيحة، ولم يقف عند حَدٍّ، [وسنذكر قتله في السنة الآتية] (٣).

وفيها وقع الخُلْفُ بين ولدي الحافظ أبي علي الحسن ولي العهد وبين أخيه أبي تراب حَيدَرة بمصر، وانقسم الجُنْدُ فريقين؛ أحدهما إلى مذهب السُّنَّة، والثَّاني إلى مذهب الشِّيعة، ووقع القتال، فكان النَّصرُ لولي العهد، وأباد من تبع أخاه من السُّودان وغيرِهم بالقَتْلِ.

وفيها نَقَضَ الفرنج الهُدْنة، ونزلوا حوران، وخرج شمسُ الملوك إليهم في حشده [وجمعه] (٣)، وخيم بإزائهم، [وكانوا في جَمْع عظيم] (٣) فلما رأى [شمس الملوك] (٣) أنه لا طاقة له بهم غافلهم في الليل ورحل نحو طبرية وعكا وصور والسَّاحل، فقتل وسبى، وغَنِم غنائم كثيرة، وعاد إلى دمشق على طريق الشَّعْراء، ورحل الفرنج إلى بلادهم، فساءهم ما رأوا من الخراب والنَّهب، فذلوا وتفرَّقوا، وذلك في ذي الحِجَّة.


(١) ما بين حاصرتين من (م).
(٢) صيدنايا: بلدة في القلمون تبعد عن دمشق (٣٠ كم)، وجبة عسال بلدة في القلمون كذلك، وتسمى الآن عسال الورد، وتبعد عن دمشق (٦١ كم).
(٣) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).