للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شحٌّ زائد، وقَتَلَ غِلْمان أبيه وجَدِّه، وأخذ أموالهم، فكتب أهلُ دمشق إلى زَنْكي يسألونه المسير إليهم، فَشَرَع في التأهُّب، فكتب إليه إسماعيل: لا تحشدْ ولا تجمعْ، تعال بسرعة وأنا أسلِّم إليك البلد بعد أن تمكِّنني مِنْ بعض أهله ممن في نفسي منهم. ووالى المكاتبة إليه بخطِّه: لئن لم تقدم وإلَّا سَلَّمْتُ دمشق إلى الفرنج. وشَرَعَ في نَقْلِ أمواله وذخائره إلى حِصن صَرْخَد، وقَبَضَ على جماعةٍ من الأعيان، فاتفقوا على قَتْلِهِ [وقالوا: هذا نوع سوداء، وكلما جاءت يزداد، وما لها إلا عدمه، فراسلوا] (١) أمه زُمُرُّد خاتون، وقالوا: قد عَزَمَ على قتلنا وقتلكِ، وغدًا يجيء [أتابك] (٢) زنكي فيحكم عليك وعلينا. فدخلتْ عليه ولامته [وعاتبَتْهُ] (٢) وقالت: أنتَ تكون سبب خراب هذا البيت، فارجِعْ إلى سيرة آبائك. فشتَمها، وتهدَّدها بالقَتْلِ، وأسمعها كلامًا قبيحًا، فأرسلت إليهم، وقالت: دونكم وإياه. فَرَتَّبوا له جماعةً من الغِلْمان باتِّفاقٍ من أُمِّه، فقتلوه في دِهْليز قلعة دمشق في رابع عشر ربيع الأَوَّل (٣)، [فكانت ولايته ثلاث سنين، لأنه ولي في رجب سنةَ ست وعشرين وخمس مئة] (٢) وأجلست أُمُّه أخاه، [محمود بن بوري مكانه، ولقبته شهاب الدين، وهو الذي كانت له تدمر] (٤)، وجاء [أتابك] (٢) زنكي إلى حِمْص، فبلغه الخبر، فبعثَ رسولًا إلى دمشق بتسليم البلد، فَرَدَّه شهابُ الدين وخاتون ردًّا جميلًا، فلم يلتفت [زنكي] (٢)، وجاء بعساكره، فخيَّم بين القُصير وعَذْراء (٥) في جمادى الأُولى، وكان يزحف كل يوم، ويقاتل أهل البلد ويقاتلونه، فأقام مُدَّة، فلم يظفر بطائل، واتَّفق وصولُ رسولِ المسترشد يأمره بالرَّحيل إلى بغداد، فرحل، وأقامت خاتون تدبِّرُ الملك مُدَّة، ثم تزوَّجها بعد ذلك زَنكي، ونَقَلَها إلى حلب، فصار تدبير الملك إلى معين الدِّين أُنَر؛ أحدِ


(١) في (ح) و (ع): فاتفقوا على قتله، وراسلوا أمه. . .، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) في "ذيل تاريخ دمشق": ٣٩٥، و"الكامل" لابن الأثير: ١١/ ٢٠: ربيع الآخر.
(٤) في (ع) و (ح): وأجلست أمه أخاه شهاب الدين محمود مكانه، وجاء زنكي. . والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٥) القصير: قرية على التخوم الشمالية لغوطة دمشق الشرقية على طريق حمص القديمة، على بعد ٣ كم إلى الشمال الشرقي من دوما.
وعذراء: قرية في شمال مرج غوطة دمشق الشرقية، تبعد عن دوما ١٢ كم، وعن دمشق ٢٦ كم.