للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشربون الخمور، ويبيحون الزِّنا، والتجأَ إليه سرخاب الحاجب، وطَلَبَه منه السُّلْطان، فامتنع، فبعث إليه بالعساكر فَقُتِلَ، وقد ذكرناه (١).

ثم قام بعده ولده دُبَيْس صاحب هذه التَّرجمة، وكان شَرَّ أهلِ بيته، يرتكب الكبائر، ويفعل العظائم أكثر ما كان يفعل آباؤه، ولقي منه الخليفة والمسلمون فنونَ الأَذى، وبشؤمه بَطَلَ الحج مرارًا، وأباح الفروج في نهار رمضان، وكان يرى رأي الباطنية.

ولما نزل الأمير أبو الحسن بن المستظهر من التَّاج، والتجأ إليه ظَنَّ أنه يحفظ الذِّمام مثل أبيه، فباعه بيعَ العبيد، ونهبه، وأخذ منه جوهرًا قيمته ثلاث مئة ألف دينار.

وطغا على المسترشد وحاربه، فكسره المسترشد، ومضى إلى الشَّام، ووقع بيد زَثكي، ومَنَّ عليه وأطلقه، فمضى إلى مسعود وإلى سنجر، وهو الذي حَسَّن لهما قَتْلَ المسترشد، ولم يظفر بطائل، فَعَزَمَ على الهرب، ووجَدَ له مسعودٌ مكاتباتٍ إلى زَنْكي يقول: اللهَ أن تقع [في يد] (٢) مسعود، واحفظ رأسك. فبعث إليه مسعودٌ غلامًا أرمنيًّا من سلاحِيَّته، فدخل عليه الخيمة وهو مُطْرِقٌ يَنْكُتُ الأرض بأصبعه، فما أحسَّ به حتى ضرب رأسه بالسَّيف، فأبانَه.

ويقال: إنه سُحِبَ إلى بين يدي مسعود، فقام إليه بنفسه فضربه، [فقطع رأسه، وكان ذلك في عشرة ذي الحِجَّة] (٣)، فكان بين قَتْلِهِ وقتلِ المسترشد خمسةٌ وثلاثون يومًا، وقيل ثمانية وعشرون يومًا، وما كان بنو سلجوق يتقونه إلا ليكون في وجه الخليفة.

وقال العماد الكاتب: بنو مزيد الأسديون النَّازلون بالحِلَّة على الفرات ملوك العرب وأمراؤها، وكانوا ملجأَ اللاجئين وثِمال (٤) الرَّاجين، وموئلَ المُعْتَفين (٥)، وكهفَ


(١) انظر حوادث سنة (٥٠١ هـ).
(٢) ما بين حاصرتين من (ح).
(٣) في (ع) و (ح): قطع رأسه في تاريخ حادي عشر ذي الحجة، والمثبت ما بين حاصرتين من (م)، وفي (ش): عشرين ذي الحجة.
(٤) الثمال: الملجأ والغياث، والمُطْعم في الشدة. "اللسان" (ثمل).
(٥) المعتفين: أي طلاب المعروف أو الأضياف: عفوت الرجل: إذا طلبت فضله، والعافية والعُفاة والعُفَّى: الأضياف، وطلاب المعروف، وفلان تعفوه الأضياف وتعتفيه الأضياف. "اللسان" (عفا).