للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وخمس مئة] (١)، وسار إلى بغداد لنجدة الرَّاشد، وخرج به من بغداد سنة ثلاثين وخمس مئة، [وجرى ما ذكرناه] (٢)؛ وفي سنة أربعٍ وثلاثين وخمس مئة أخذ شَهْرُزور [من ابن قفجاق التركماني] (١) وحصر دمشق مرارًا، وبنى العِمادية في الهكَّارِيَّة، وكان فسادُ الأكراد قد عمَّ، فانزجروا بها، وفتح الرُّها وطَنْزة والمَعدِن وحِيزان وحاني، وغيرها.

وكان ينهى أصحابه عن شِرَى الأملاك، ويقول: الإقطاع يُغني عنها، ومتى كانت البلادُ لنا فلا حاجة إليها، ومتى ذهبتِ البلادُ منا ذهبت الأملاكُ معها، ومتى كان لأصحابِ السُّلْطان أملاك تعدُّوا على الرَّعية وظلموهم.

وكانت له عنايةٌ بأخبار البلاد، [ويغرم عليها الأموال، فكان يقف على أخبار الملوك ساعة بساعة، وإذا جاء رسول لا يمكنه من الحديث مع أحد من الرعية لئلا يخبر بأخبار البلاد] (١).

وأودع بعضَ أصحابه خُشْكنانكة (٣)، فأقامت عنده سنة، ثم طلبها منه، فأحضرها، فَعَجِبَ، وقال: مِثْلُك يَصلُح لحفظ الأموال. وولَّاه قلعة كَوَاشى [وهي قلعة عظيمة] (١).

وكان يفرِّقُ الأموال في القلاع والبلاد ويقول: إذا كانت الأموال في موضعٍ واحد وحَدَثَ حادِثٌ وأنا في موضعٍ آخر لم أنتفعْ بها وذَهَبَتْ، وإذا كانت متفرِّقة لم يُحَلْ بيني وبينها، ورجعتُ إلى بعضها.

وكان مهيبًا، بلغه أَنَّ بعض الولاة تعرَّض لامرأةٍ، فقلع [عينيه] (١)، وقطع ذكره، [فخاف الولاة وانزجروا] (١).

ذَكْرُ مَقْتَلِه: كان قد نازل قلعة جَعْبر، وبها شهابُ الدِّين سالم بن مالك العُقَيلي -[وكان ملك شاه أعطاه إياها لما أخذ منه حلب وقد ذكرناه (٤)] (١) - فقاتلها، ونَصَبَ عليها


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش)، وانظر ص ٢٨٢ - ٢٨٣ من هذا الجزء.
(٣) نوع من الفطير المصنوع من الزبد والسكر والجوز أو الفستق، يكون على هيئة الهلال. انظر "المعرب": ١٣٤، ودوزي: ١/ ٣٧٣.
(٤) ذكر ذلك سبط ابن الجوزي في حوادث سنة (٤٧٩ هـ)، وقد وهم في قوله هنا: وبها شهاب الدين سالم بن مالك العقيلي، لأن سالمًا إنما تولاها زمن ملكشاه، ويلقب شمس الدولة، وقد توفي سنة (٥١٩ هـ)، وكان =