للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعث إليه عَمُّه سنجر يقول له: قد أخربت البلادَ، وقَتَلْتَ العباد في هوى ابن البلنكري، فأَبْعِدْه عنك، وإلا فما يكون جوابك غيري. فلم يلتفت، فرحل سنجر إلى الرَّي، وبعث يقول: قد جئتُ إليك. فسار مسعود جريدة إلى الرَّي، فطيَّبَ قلبه، وخَلَعَ عليه، ولم يعاتبه في ابنِ البلنكري، وتأخَّر البقش عن بغداد، وجاء مسعود، فدخلها في ذي الحِجَّة، فخرج إليه الوزير ابنُ هُبيرة وأربابُ الدَّوْلة لتلقِّيه، فأحسنَ إليهم، وجاء عليُّ بنُ دُبَيس، فرمى بنفسه على باب السُّلْطان، فرضي عنه.

و [فيها] (١) خرج نَظَر الخادم ليحج بالنَّاس، فمرض بالكُوفة، فاستناب قيماز الأرْجُواني، فلمَّا عاد نظر الخادم إلى بغداد توفي.

وفي ذي الحِجَّة زُلْزِلَتْ بغداد زَلْزَلَةً عظيمة، وبقيت الحيطان تموجُ عشرة مرات، وامتدَّت إلى حُلْوان، فتقطَّعَ جَبَلُها، وساخ في الأرض، وانهدمت أماكن، وهلك تحتها خَلْق كثير.

وفيها جَمَعَ الفرنج من الساحل ليقصدوا بلد حلب، فسار إليهم نور الدين بعساكره، وجَمْع كثيرٍ من التركمان، وكتب إلى [معين الدين] (١) أُنَر يستنجده، فبعثَ إليه الأميرَ بُزان (٢) في عساكر دمشق، وجاءته عساكر أخيه سيف الدِّين [غازي] (١) والجزيرة، وسار إلى أَنطاكية، وخرج إليه البرنس (٣)، فكانت بينهم وقعة عظيمة كسرهم نورُ الدِّين الكسرة المشهورة (٤)، وقَتَلَ من كنودهم ألفًا وخمس مئة وأَسر منهم مِثْلهم، وقُتل البرنس، وحُمل رأسه إلى نور الدين، فعاد إلى حلب بالغنائم العظيمة والأسارى، فبعث ببعضها إلى أخيه وإلى الخليفة وإلى دمشق وإلى الملوك، وفيها يقول ابنُ القَيسراني: [من السريع]


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) هو مجاهد الدين بزان بن مامين، أحد مقدمي أمراء الأكراد، وتوفي سنة (٥٥٥ هـ)، انظر ترجمته في "كتاب الروضتين": ١/ ٣٨٧ م- ٣٨٨ م.
(٣) هو ريموند Raymond of Poitou
(٤) هي وقعة إنِّب، انظر "الروضتين": ١/ ٢٠٤ - ٢١٧.