للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وله كلام حسن، فمنه أنه قال: ما أحسنَ الإنسانَ أن يصبِر عما يشتهي، وأحسنُ منه أن لا يشتهي ما لا يَقدرُ عليه.

وقال: لأن يستغنيَ الإنسان عن المُلْك، خيرٌ من أن يستغنيَ به (١).

ومنهم صاحب إقليدس، وهو أولُ من تكلَّم في الرياضيات، وقال: الخطُّ هندسةٌ روحانية ظهرت بآلة جسمانية.

وقال: لما علم العاقلُ أنه لا ثقةَ له بشيء من أمور الدنيا، ألقى منها ما منه بُدٌّ، واقتصر على ما لا بُدَّ له منه (٢).

ومنهم جالينوس، وكان في زمن عيسى ، ويقال: إنه قَصَد الاجتماع بعيسى ، وسار إليه فمات في طريقه (٣). قال ابن حوقل: مات جالينوس اليوناني بمدينة الفرما، وهي شاطئ بحيرة تِنِّيس من أرض مصر، وبها قبرُه (٤). ومات ابن مئة وتسعة وثلاثين سنة (٥)، وإليه انتهى علمُ الطب.

ومن كلامه: عِلَّةُ الاختلاف الذي يعرض للإنسان إنما سببُه الدماغ؛ وذلك لأن أوعية الدماغ ثلاثة: مقدَّم الرأس وهو للحِسِّ والخيال، ومُؤخَّره للحركة والفكر والحفظ، ووسَطُه للعقل والفِطنة والذكاء، فمتى اعتدل الدماغ، اعتدلت الروح واعتدلت الأفعال، فإن مال الاعتدال إلى البرودة، كان الفعلُ أبطأ، وإن مال إلى الحرارة، كان الفعل أسرع.

ولما اشتد بجالينوس مرضُ الموت، قيل له: ألا تتداوى؟ فقال: إذا كان الداء من السماء بطل الدواء، وإذا نزل قَدَر الرب بطل حذرُ المربوب، ونعم الدواء الأجلُ، وبئس الداء الأملُ.


(١) الملل والنحل ٢/ ١١٦.
(٢) الملل والنحل ٢/ ١١٤ - ١١٥.
(٣) المنتظم ٢/ ٤.
(٤) صورة الأرض ص ١٤٩.
(٥) في طبقات الأطباء والحكماء ص ٤٢، وأخبار العلماء ص ٨٩، والمنتظم ٢/ ٤ أنه عاش سبعًا وثمانين سنة أو ثمانيًا وثمانين.