للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واجتمعا بملكهم، فما صادفا عنده من القوَّة ما كانا يظنَّانه، فاتَّفقوا على نزول الفرنج على بُصرى، فإنَّها عَصَتْ على مجير الدِّين، ورحلوا إلى رأس الماء، وبَعَثَ نورُ الدِّين أربعة آلاف فارس إلى حوران، ومعهم عَرَبٌ يتخطَّفون عسكر الفرنج، فتبعوهم إلى لجاة حوران، وبلغ نور الدين، فعاد إلى دمشق. وقيل: بل نَزَلَ بعين الجر [من البقاع] (١).

وضايق الفرنج بُصرى، فلم يظفروا منها بطائل، فعادوا إلى بلادهم، وبعثوا يطلبون من مجير الدِّين ما قرَّر لهم من المال [عن ترحيلهم نور الدين عن دمشق، وقالوا: لولانا ما رحل] (١).

وعرض نور الدين عسكره بالبِقاع، وكانوا من عين الجَرِّ إلى الدَّلهمية، فكانوا ثلاثين ألفًا من عسكره والتُّرْكمان والعرب وغيرهم، فعاد إلى دمشق، وقد أَطْمَعَتْه نَفْسه فيها، [وجاء] (١) فنزل أرض كَوْكَبا غربيِّ داريا في ربيع الأَوَّل، ثم رحل، فنزل جسر الخشب، ثم رحل إلى مسجد القدم، ونودي في دمشق في العسكر والأحداث بالخروج إلى قتاله، فلم يخرج إلا اليسير [لما وَقَرَ في نفوسهم من استنجاد مجير الدِّين وابن الصُّوفي بالفرنج] (١).

ووصل لنور الدِّين كتابُ الأمير حَسَّان المَنْبِجي أنه افتتح مدينةَ تل باشر بالأمان في ربيع الأول، فضُربت [البوقاتُ والطُّبول في عَسْكر نور الدين بالبشائر] (٢).

وأقام [نور الدين] (١) على دمشق من غير قتال ولا زحف [خوفًا على المسلمين، وقال: لا حاجة لي في إراقة دمائهم بأيدي بعضهم بعضًا، وإنما أُرفِّهُهُمْ ليبذلوا نفوسهم في قتال الكفَّار] (١)، ثم تردَّدت المراسلات بينه وبين مجير الدِّين وابن الصُّوفي على يد الفقيه بُرْهان الدِّين [علي] (١) البَلْخي (٣) وأسد الدين شيركوه وأخيه نجم الدِّين أيوب، وتقارب الأمر إلى تجديد الأَيمان، وعهود وشروط اشترطها عليهم، ورحل عنهم يوم الخميس العاشر من ربيع الآخر.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) في (ع): فضربت البشائر في عسكره، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) ستأتي في ترجمته في وفيات سنة (٥٤٨ هـ).