للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسار بعض عسكر [نور الدين] (١) نحو بُصرى، لأَنَّ واليها عصى على المسلمين، واعتضد بالفرنج، فاستدعى نورُ الدين من دمشق المجانيق وآلة الحصار، وبعث إليه [نور الدين] (٢) قطعةً من عسكره.

وجاءَه الخبر بأن عسكر الرَّقَّة أغار على قلعة جَعْبر، فخرج الأمير عِزُّ الدِّين عليُّ بنُ مالك صاحِبُها في أصحابه إليهم [وقد أغاروا على أطراف أعماله] (٢) ليخلِّصَ ما استاقوا، فالتقى الفريقان، فأصابه سَهْمٌ من كمينٍ ظَهَرَ عليه، فقتله، فرجعوا به إلى قلعة جَعْبر، وأجلسوا ولده مالك بن عليّ في منصبه، فاستقام أمره.

وفي رجب توجَّه مجير الدِّين في جماعة من خواصِّه إلى حلب بقصد خدمة نور الدِّين وطاعته، فالتقاه وأكرمه، وخلع عليه، وبالغ في الفعل الجميل في حَقِّه، وقرَّر معه تقريرات اقترحها [عليه] (٢)، ثم عاد عنه إلى دمشق مسرورًا، فدخلها في آخر شعبان (٣).

وفيها قصدتِ الفرنج بِقاع بَعْلَبَكَّ على غِرَّةٍ من أهلها، فنهبوا ما فيها من المواشي، وسبوا النِّساء، وأسروا الرِّجال، ولم يُبْقوا على أحدٍ، وكان عطاء الخادم (٤) ببَعْلَبَك، فبعث الرَّجَّالة في إثرهم، واجتمع إليهم من أهل البِقاع خَلْقٌ عظيم، واتبعوهم فلحقوهم، وقد أرسل الله عليهم من الثُّلوج المتداركة ما ثبَّطهم عن الوصول إلى بلادهم، فَقَتلوا منهم مقتلةً عظيمة، واستخلصوا الأسارى والمواشي، ومن سَلِمَ من الثَّلْج.

وفيها استوحش عليُّ بن السَّلار وزير مِصر من الظَّافر، ولم يدخلِ القصر خوفًا منه، واستقلَّ بالتَّدْبير، [واستوحش الظافر منه.

واستوحش ابنُ الصُّوفي من مجير الدين، واستقل بالأمر] (٢)، ولم يبق لمجير الدِّين حكم.


(١) في (ح): عسكره، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) ما بين حاصرتين من (ح).
(٣) في "ذيل تاريخ دمشق": ٤٩١ أنه توجه إلى نور الدين في يوم الخميس الثاني عشر من رجب، وعاد إلى دمشق في يوم الثلاثاء السادس من شعبان، وانظر "كتاب الروضتين": ١/ ٢٧٣.
(٤) في (م) و (ش): وكان بحلب عطاء الخادم، فبعث الرَّجَّالة .. وهي عبارة لا تستقيم، وانظر "ذيل تاريخ دمشق": ٤٩٢، وستأتي ترجمة عطاء في وفيات سنة (٥٤٨ هـ).