للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسمَّاهم الخواص، وكان عن يساره، والثالثة: المَرازبة والأصبَهبذية وهم بين يديه. ولم يكن شي هذه الطبقات وضيعٌ ولا خسيسُ الأصل ولا ناقصُ الخَلْق (١).

ثم زادهم سبعَ طبقاتٍ: أولها: الوزراء، والثانية: الموابِذة، وهم الحكام والقُضاة وأصحاب الشرع، والثالثة: نُوَّاب هؤلاء.

وجعل الأصبَهْبذية أربعةً: فالأولُ على خراسان، والثاني على بلاد الشمال، والثالث على المغرب، والرابع على ناحية الجنوب. ودانت له الدنيا.

ومن كلامه: معاشرةُ الوضيع للشريف شهراً، تُفسِد عقلَه دهراً، وقال: يجبُ على الملك أن يكون فائضَ العدل، فإن فيه جِماعَ الخيرات، وهو الحِصنُ الحصينُ من زوال المُلْك، وإن أول مخايل الإدبار في الملك ذهاب العدل منه (٢)، وما خفقت رايةُ الجَوْر في دولة إلا لَفَحتها نسائم الخِذْلان فردَّتها على أعقابها. وليس أحد ممن يصحب الملوك أولى باستجماع مكارم الأخلاق، ومحاسن الآداب، وطرائف المُلَح، وغرائب النُّتَف من النَّديم، فإنه يحتاج إلى تواضع العبيد مع قُربه من الملك، وعفاف النُّساك، ووقار الشيوخ، وأن يفهم ما مُرادُ الملك فيناجيه على حسب ما يبلوه من خلائقه، ويكون له جمالٌ ومروءة، أما جمالُه فنظافة ثوبِه، وطيب رائحته، وفصاحةُ لسانه، وأما مروءتُه فكثرةُ حيائه، ووقار مجلسه مع طلاقةِ وجهه، وأن يستكمل المروءةَ حتى يَسلُوَ عن اللذَّة (٣).

وكتب إلى من كان بقربه من ملوك الطوائف يخبره بما أجمع عليه من الطلب للمُلْك لما فيه من صلاح الرعية وإقامة العَدْل، وكان من كتابته: من أردشير بن بابَك المُستأثَر دونه بحقِّه، المغلوب على ميراث آبائه، الداعي إلى الله المستنصرِ به، فإنه وَعَد المظلومين النصرَ والظَّفَر، وجعل لهم العاقبةَ، إلى من يصلُ إليه كتابي هذا من ملوك الطوائف، سلامٌ عليكم بقدر ما تستوجبون به معرفةَ الحق، وإنكار الباطل والجَوْر.

فمفهم مَن أقرَّ له بالطاعة، ومنهم مَن تربَّص عليه، ومنهم من عصاهُ. فلما استوسق


(١) انظر مروج الذهب ٢/ ١٥٣.
(٢) في النسخ: وإن أول مخايل الملك في الإدبار وذهاب عدله، والمثبت من مروج الذهب ٢/ ١٥٥.
(٣) في مروج الذهب ٢/ ١٥٦: ولا يستكمل المروءة حتى يسلو عن اللذة.