للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له الشيخ علي: أحسنتَ أحسنتَ، ولقد صدقت.

وقال الشيخ عمر البزاز: سمعتُ سيِّدي الشَّيخ عبد القادر Object يقول: عَثَرَ حسين الحلاج فلم يكن في زمانه من يأخذ بيده، ولو كنتُ في زمنه لأخذتُ بيده، وأنا لكلِّ من عَثَر به مركوبه من أصحابي ومريديّ ومحبيّ إلى يوم القيامة آخذ بيده، يا هذا؛ فرسي مُسْرَج، ورمحي منصوب، وسيفي شاهر، وقوسي موتر، أحفظك لله، وأنتَ غافل!

ذكر شيء من أجوبته Object:

سُئِلَ عن صفات الموارد الإلهية والطَّوارق الشَّيطانية، فقال: الوارد الإلهي لا يأتي باستدعاء، ولا يذهب بسبب، ولا يأتي على نَمَطٍ واحد، ولا في وقتٍ مخصوص، والطَّارق الشَّيطاني بخلاف ذلك غالبًا.

وسئل عن المحبة، فقال: هي تشويش في القلوب يقع في المحبوب، فتصير الدُّنيا عليه كحَلْقة خاتم أو مجمع مأتم، والحبُّ سُكْرٌ لا صحو معه، وذِكْرٌ لا محو معه، وقَلَقٌ لا سكون معه، وخلوص المحبوب بكلِّ وَجْه سِرًّا وعلانية بإيثار اضطرار لا بإيثار اختيار، وبإرادة خِلْقة لا بإرادة كُلْفة، والحبُّ العمى عن غير المحبوب غيرةً عليه، والعمى عن المحبوب هيبةً له، فهو عمى كلُّه، والمحبون سُكارى لا يصحون إلا بمشاهدة محبوبهم، مَرْضى لا يشفون إلا بملاحظة مطلوبهم، حيارى لا يأنسون إلا بمولاهم، ولا يلهجون بغير ذكره، ولا يجيبون غير داعيه، وفي هذا المعنى يقول مجنون ليلى: [من الطويل]

لقد لامني في حُبِّ ليلى أقاربي

الأبيات (١).

وسئل Object عن التَّوحيد، فقال: هو إشارة سِرِّ الضَّمائر بإخفاء السَّرائر، عند ورود الحضرة، ومجاوزةُ القلب منتهى مقامات الأفكار، وارتفاعُه على أعلى درجات الوصال، وتجلُّله أستارَ التَّعظيم، وتخطِّيه إلى التقرُّب بأقدام التجريد، وترقيه إلى التَّداني بسعي التفريد، مع تلاشي الكونين، وتعطُّل الملكين، وخَلْعِ النَّعلينِ، واقتباس النُّورين، وفناء العالمين تحت لمَعان أنوار بروق الكَشْف من غير ما عزيمة متقدِّمة.


(١) وعجزه: أبي وابنُ عميِّ وابن خالي وخاليا
وانظر الأبيات في "ديوانه": ص ٣٠٦ - ٣٠٧.