للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أنفسهم، وقد بلغتُ جَهْدي في الكشف عن وجه الأمر ليؤْتَى تدبيرٌ من صَوْب الصَّواب، والله الموفق لتيسير الدَّواعي والأسباب، بمنه وكَرَمه، اللهم هل بَلَّغْتُ؟ وللرأي السَّامي الصَّلاحي علوُّه، إن شاء الله تعالى.

والجواب عن السُّلْطان صلاح الدِّين من إنشاء القاضي الفاضل : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: ٦]. أدام الله أيام المجلس السَّامي القِوامي إدامةً تؤذن بتشييد معاليه، ويشتمل بيُمْنها وبركتها حاضر وقته وتاليه، ويؤيد من يواليه مواليه، ويخلد معها ناضر وقته وحاليه، ويتكافأ بها ترادف النصر وتواليه، وتزينه بمحاسن الصِّفات وتحلِّيه، وترى طلوع نجمه من مطالع السَّعْد وتجلِّيه، وتضاعف ما تمنحه به الكرامة وتوليه، والله في كل حال حافظه وكاليه. وصل الكتاب الكريم فملأ القلوب مهابةً، وحاكى بطيبِ عَرْفه ملابه، ونشر النَّاشر منه عطرًا، ونشق الناشق منه قطرًا، وأطيل الرنو إليه بالعيون، وأعظم أن يحمل على الأيدي فحمل على الجفون، وتبسمت الأرض عند معاينته تقبيلًا ولثمًا، حتى كاد أن يؤثر بالشفاه صدعًا ورثمًا، وكأنما استحال التُّرْب عند لثمه عبيرًا، وانقلب أديم الغبراء سُنْدسًا وحريرًا، ورُفِعَ الدُّعاءُ إلى مقرِّ الإجابة ومظنَّتها، وشفع بمفروض الضراعة وسُنَّتها، على أنه تضمن ما يزعزع الأطواد، ويقطع الأكباد، ويطرد عن الجفون الرقاد، وفض عن ثناء عظيم، وخَطْبٍ جسيم ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا﴾ [مريم: ٩٠] يرعد الفرائص فَرَقًا، ويغصُّ بالرِّيق شَرَقًا، لأنه عَبَّر فيه عما يعجز أهل البلاغة واللَّسَن تلافيه، وشاب عَذْبَ كَلامه بعذاب كِلامه، ومزج الشَّهْد من حُسْنِ رأيه بذُعافِ الواشي وافترائه، وفي سالف الوقت قيل فيمنْ سارع اللائم إليه وأَعْنته: رُبَّ ملومٍ لا ذنب له، وإن كان -أعلى الله كلمته- أعنقَ في النَّصيحة وأَوْضَع، فلقد أنهر الجروح وأوسع، وربما بالغ الطبيبُ في إغراق المبضع فأوجع، واشتدَّ الألم وإن لم يلم، لأنه غير خاف عن أحد من أهل مِلَّة الإسلام، وذوي العقول والأحلام أن الدِّين عِقْدٌ سيدنا ومولانا أمير المؤمنين -صلوات الله عليه- واسِطَتُهُ، وعَقْدٌ هو رابطته، وَورْدٌ هو قُرْبه، وسجاح