هو كرمه، وعماد هو مشيده، وظَهْرٌ هو أبهره ووريدُه، وكتاب هو عنوانه، ودُرٌّ هو صِوانه، ورمح هو مسلاته واهتزازه، وبُرْدٌ هو تحبيره وطرازه، وأنَّ طاعته سبيل مَنْ خالفها ضَلَّ وغوى، ومنار من تنكبه زَلَّ وهوى، وهو الشَّمْس التي لا يكفرها ضبابُ الجحود، والنعمة التي لا ينكرها إلا المارد الكنود، وله العهودُ المحيطة بالرِّقاب، والأمانة الخالدة على الأحقاب، والدعوة الباقية في الأعقاب، والرتبة التي يستوجب بها الأسماء وأشرف الألقاب، ولزوم الحجة التي لا تدفع بالمناكرة، ووجوب الإخلاص الذي لا يُلْغى بالخِدَع والمماكرة، والأمانة المُؤَدِّي حَقّ نفسه من أدَّاها، والمتابعة المنصوص بالسُّخْط على من جاوزها بالخِلاف وتعدَّاها، هذا ما يجب على المسلم اعتقاده، فكيف يُشَكُّ فيمن هذا ما ينطوي عليه ضميره وفؤاده: أو يُرتاب بمن قد أسنده ظهر؟ وهو تقديره في نفسه وتقريره، وتحقيقه في حِسِّه وتحريره، وأمير المؤمنين -أدام الله سُلْطانه، وعمر بإعزاز الخلافة المعظمة مواقفه الشَّريفة وأوطانه- عينُ الحنيفية الصَّافية، والنعمة السَّابغهْ الضَّافية، والممتثلة أوامره كَرْهًا وطوعًا، والسَّعيد مَن كان لدعوتها أسمع وأوعى، وهو وليُّ الأمة وإمامها، وجامع شتات المِلَّة ونظامها، أمورها إليه مردودة، وحدودها إليه محدودة، وهو المفوض إليه ما يتنازع فيه المتنازعون، والحاكم فيما يتثبط عنه المتثبطون، ويسارع إليه المسارعون، لا ينازع في ذلك منازع إلا والله بما يضمر عالم، ولما يقول سامع ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ [النجم: ٣١].
وأما ما أنهى من تترامى به إلى هذه الخطة المرامي، فإنه وإن دعت ضرورته إلى إعانته وجَبْرِ كسرته، فما أصغى إلى شكاته أحدهم بمسمع، ولا التفت عليه بمجمع، ولا تبين له في ذلك مطمع، وكيف ينصت إلى من أضاف إلى الآراء المظهرة جورًا، وجاوز بذلك حدًّا، وتعدَّى به طورًا، وهي النَّيِّرة بصيرةً عند انطواء الأمور واستتارها، والمأمونة على أحوال الأُمة وأستارها، وإنَّ طريد نقمتها بعدما كان يريد نعمتها، وإنْ وقذته فهي التي غَذَتْه، وأي تقوُّل يبسط، أو قول يظلم فيه ويقسط، ومن يقول بفيه التراب، وعلته الرَّباب، وليده الفدع، ولأنفه الجَدْع، ولو سُمِعَ من متسمج ما بدل