[قال:] (١) وكان جوادًا سمحًا، يهب مئة ألف دينار وخمسين ألفًا، ويتفقد أربابَ البيوت، ويكرم العلماء والفقهاء، ولم يُسمع منه كلمةُ فحش، وكان عادلًا متمسِّكًا بالشرع، يصلِّي بالنَّاس الصَّلوات الخمس، ويَلْبَس الصُّوف على جسده، ويقف للمرأة والضَّعيف، ويأخذ لهم الحق، وفيه يقول الشَّاعر: [من الكامل]
أَهْلٌ لأنْ يُسعى إليه ويُرْتجى … ويزَارُ مِنْ أقصى البلادِ على الوَجَا
مَلِك غدا بالمَكْرُماتِ مُقَلَّدًا … وموشَّحًا ومختَّمًا ومتوَّجا
عُمِرَتْ مقاماتُ الملوك بذكره … وتعطَّرَتْ منه الرِّياح تأَرُّجا
من أبيات.
[قلت:] (١) وهو الَّذي راسله صلاح الدين بشمس الدين ابن منقذ يستنجد به سنة سبعٍ وثمانين [وخمس مئة] (١)، ومدحه ابن منقذ بهذه الأبيات: [من الطويل]
سأشكر بحرًا ذا عُبابٍ قَطَعْتُهُ … إلى بَحْرِ جُوْدٍ ما لنعماه ساحِلُ
إلى مَعْدِنِ التَّقوى إلى كعبة الهدى … إلى مَنْ سَمَتْ بالذِّكْرِ منه الأوائلُ
إليك أميرَ المؤمنين ولم تَزَل … إلى بابك المأمول تُزْجى الرَّواحِلُ
قطعتُ إليك البر والبحر موقنًا … بأن نَدَاك الغَمْرَ بالنُّجْحِ كافِلُ
رجوتُ بقَصْدِيك العُلا فبلغتُها … وأدنى عطاياك العُلا والفضائِلُ
فلا زِلْتَ للعَلْياء والجُود بانيًا … تبلِّغُك الآمال ما أنت آمِلُ
من أبيات.
فأعطاه لكلِّ بيتٍ ألفَ دينار، وقال: ما أعطيك هذا لأجل صاحبك، فإنَّه خاطَبَنا بما لم يخاطِبْنا به أحد، وإنما أعطيناك لفَضْلك وبَيتك، والحمد لله الَّذي وفق الفنش ملك الفرنج ما لم يهد إليه صاحبك، ولو خاطَبَنا بما يليق بنا لأنجدناه برًّا وبحرًا، وقد وكلناه إلى من خاطبه بما هو أليق بنا منه.
ومعناه أَنَّ صلاح الدين خاطبه بأمير المسلمين، ولم يخاطبه بأمير المؤمنين.
(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).