للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عوف لما رأى عمر بن الخطاب ليلة يمشي في أزقة المدينة، فأتى إلى بيت عجوز، فدخله، فقلت: لا أنصرف حتى انظر ماذا يصنع. فتواريت، وإذا به قد خرج من عندها، فدخلت بعده، وقلت: ما كان يصنع عندك؟ فقالت: يحمل إليَّ ما آكل، ويخرج عني الأذى. قال عبد الرحمن: فقلت في نفسي، ويحك يا عبد الرحمن، أعثرات عمر تتبع؟] (١) وبينا نحن في الحديث إذا بالشيخ أبي عمر [(٢) وقد صَعِدَ إلى مغارة توبة، فدخل، ومعه مئزر، فَسَلَّم، وحَلَّ المئزر، وفيه رغيفٌ وخيارتان، فكسر الجميع، وقال: بسم الله، الصَّلاة، ثم قال: ابتداءً قد جاء في الحديث أنَّ النبيَّ قال: "ولدتُ في زمن الملك العادِل كِسْرى" (٣)، فنظر إليَّ الشيخ عبد الله وتبسَّم، ومدَّ يده فأكل، وقام أبو عمر، ونزل، فقال لي الشيخ عبد الله: يا سَيِّد، ماذا إلا رجلٌ صالح.

قال المصنف : وأصابني قُولَنْج، وعانيت منه شِدَّة، فدخَلَ عليَّ أبو عمر وبيده خَرُّوب شامي مدقوق، فقال: استفَّ هذا. وكان عندي جماعةٌ، فقالوا: هذا يزيد القولنج ويضرّه! فما التفتُّ إلى قولهم، وأخذتُه من يده، فأكَلْتُه، فبرأت في الحال، ومن هذا شيءٌ كثير.

[(٤) وأما ما أُخبرت به، فحكى] الجمال البُصْراوي، قال: أصابني قُولَنْج في رمضان، فاجتهدوا بي أَنْ أُفطر، فلم أفعل، وصَعِدْتُ إلى قاسيون، فقعدت موضعَ الجامع اليوم، وإذا بالشيخ أبو عمر قد أقبل من الجبل، وبيده حشيشةٌ، فقال: شُمَّ هذه تنفَعْك. فأخذتُها وشممتها، فبرأت.

وجاءه رجلٌ مغربي، فقرأ عليه القرآن، ثم غاب عنه مُدَّة وعاد، فلازمه، فَسُئِلَ عن ذلك، فقال: دخلتُ ديار بكر، فأقمتُ عند شيخٍ له زاوية وتلامذة، فبينا هو ذاتَ يوم جالسٌ بكى بكاءً شديدًا، وأُغمي عليه، ثم أفاق وقال: ماتَ القُطْب السَّاعة، وقد أقيم


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) في (ح): إذا بالشيخ أبي عمر قد دخل، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) لا أصل له، انظر حاشيتنا رقم ١ ص ٢١٧ من الجزء الأول من "المذيل على الروضتين"، وتعقيب أبي شامة على هذ الخبر.
(٤) في (ح): وقال الجمال. . .، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).