الشيخ أبو عمر شيخ الصَّالحية مقامه، قال: فقلتُ له: ذاك شيخي، فقال: فأيش قعودك ها هنا، قُمْ فاذهبْ إليه، وسَلِّمْ عليه عني، وقُلْ له: لو أمكنني السَّعي إليه لسعيتُ. ثم زوَّدَني وسافرتُ.
قال المصنف ﵀: قلتُ له يومًا أوَّلَ ما قَدِمْتُ الشَّام، وما كان يَرُدُّ أحدًا في شفاعةٍ إلى مَنْ كان، وقد كَتَبَ ورقةً إلى الملك المُعَظَّم عيسى بن العادل، وقال فيها: إلى الولد الملك المُعَظَّم، فقلتُ له: كيف تكتب هذا والملك المعظم على الحقيقة هو الله تعالى! فتَبَّسم ورمى إليَّ الورقة، وقال: تأَمَّلها. وإذا به لما كَتَبَ المعظم كسر الظَّاء، فصار المعظِّم، وقال: لا بُدَّ أن يكون يومًا عَظَّم الله تعالى. فتعجَّبْتُ من ورعه وتحفُظه في منطقه عن مِثْلِ هذا.
وقال يومًا للمبارز المعتمد: قد أكثرتُ عليك من الرِّقاع والشَّفاعات. فقال له: ربما تكتب إليَّ في حَقِّ أُناسٍ لا يستحقون الشَّفاعة، وأكره رَدَّ شفاعتك، فقال له الشيخ: أنا أقضي حَقَّ مَنْ قصدني، وأنت إن شئت أن تقبل، وإنْ شئت ألا تقبل، فقال: ما أَرُدُّ ورقتك أبدًا.
وكان على مذهب السَّلف الصَّالح، حسنَ العقيدة، متمسِّكًا بالكتاب والسُّنَّة، والآثار المَرْويَّة، ويُمِرُّها كما جاءت من غير طَعْنٍ على أئمة الدِّين وعلماء المُسْلمين، وينهى عن صُحْبة المبتدعين، ويأمر بصحبة الصَّالحين.
ذِكْرُ وفاته:
قال المصنِّف ﵀: كان سببُها أَنَّه حَضَرَ مجلسي بقاسيون في الجامع، وأخوه شيخنا الموفَّق ﵀ حاضر، والعمادُ والجماعة، وكان قاعدًا في الباب الكبير، وجرى الكلامُ في رؤية الله تعالى ومشاهدته، واستغرقتُ في ذلك، وكان وقتًا عجيبًا وأبو عمر جالسٌ إلى جانب أخيه الموفق، فقام، وطَلَبَ باب الجامع [ولم أره، فالتفتُّ، وإذا بين يديه شخص يريد الخروج من الجامع،](١) فصحتُ على الرَّجل: اقعد. فَظَنَّ أبو عمر أنني أُخاطبه، فجلس على عَتَبة بابِ الجامع الجوَّانية إلى أن فَرَغَ