للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها يوم جَبَلةَ، وهي هضبة حمراء بين الشُّرَيْف والشَّرَف، وهما ماءان: الشُّرَيف لبني نُمَير، والشَّرَف لبني كِلاب، وكان بين عبس وذُبيان ابنَي بَغيض، وفيه يقول الرَّاجز:

لم أرَ يومًا مثلَ يومِ جَبَلَهْ

يوم أتانا أسدٌ وحَنْظَلهْ

وغَطَفان والملوكُ أَزْفَلَهْ (١)

ويقال له: يوم شِعْب جَبَلة، وكان لعامرٍ وعبسٍ على ذُبيان وتميم، وسببه أنَّه لما انقضت وَقْعة رَحْرَحان، جمع لَقيط بنُ زُرارَة لبني عامر، وألَّب عليهم، وبين يوم رَحْرَحان ويوم جبلة سنة، وكان يوم جَبَلَة في العام الذي وُلد فيه رسولُ الله .

وكان لبني عَبس في بني عامر حُلَفاء لهم، فاستعدى لَقِيط بني ذُبيان لعداوتهم لبني عبس من أجل حرب دَاحِس، فأجابته غَطَفانُ كلّها غير [بني] بدر، وتجمّعت تميم كلها غير بني سَعد، وخرجت معه بنو أَسدٍ بحِلْفٍ كان بينهم وبين غطفان، ثم أتى لقيطٌ إلى الجَوْن الكَلْبي، وهو ملك هَجَر، فقال: هل لك في قوم غارِّين قد ملؤوا الأرض نَعَماً وشاءً، وترسلُ معي ابنَيْك، فما أصبنا من نَعَمٍ وشاءٍ فهو لهما، وما أصبنا من دَمٍ فعلينا؟ فأجابه الجَوْن إلى ذلك.

ثم أتى لقيطٌ النُّعمان بنَ المُنْذر، فاستنجده ووعده بالغنائم، فأجابه، وكان لقيط وَجيهاً عند الملوك، فلما كان رأسُ الحَوْلِ من يوم رَحْرَحان، أقبلت الجيوش نحو لَقيط، وأقبل سِنانُ بن أبي حارثة المُرِّي في غَطَفان، وهو والد هَرِم الجَواد، وجاءت بنو أسد، وأرسل الجَوْنُ ابنَيْه معاوية وعَمْراً، فقال الأَحوص بنُ جعفر -وهو يومئذٍ رَحَا لهوازن (٢) - لقيس بن زهير: ما ترى؟ فإنَّك تَزعم أنَّه ما عَرَض لك أمر أن إلَّا وجدتَ في أحدهما المخرجَ، فقال قيس: الرأيُ أن نَرتحلَ بالأموال والعيال، فندخلَ شِعبَ جَبَلة فنقاتل القومَ من وجه واحد، فإن لَقيطَ بن زُرارة رجل فيه طَيشٌ، وسيقتحم عليك


(١) النقائض ٦٦٣.
(٢) يعني سيدهم.