للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد زحفَتْ دُوْدانُ تَبغي ثُؤورَها … وجاشت تميمٌ كالفحول تُخاطِرُ

وقد جمعوا جمعاً كأنّ زُهاءَه … جَرادٌ هَفا في هَبْوةٍ مُتَطايرُ

ومرُّوا بأَطنابِ البيوتِ فردَّهم … رجالٌ بأطرافِ البيوت مَساعرُ

فباتوا لنا ضَيفاً وبتْنا بنِعمَةٍ … لنا مُسمِعاتٌ بالدُّفوف وسامِرُ

وصبَّحهم عند الشُّروق كتائبٌ … كأركان سلْمى سَيرُها مُتواتِرُ

كأن نَعامَ الدَّوِّ باض عليهم … وأعينُهم تحت الحَبِيك خَوازِرُ

أظنَّ سَراةُ القوم أن لن يُقاتِلوا … إذا دعمت بالصدر (١) عَبْسٌ وعامرُ

ضَربْنا حَبيكَ البَيْض في غَمْر لُجَّةٍ … فلم يَنْجُ في النَّاجِين منهم مُفاخِرُ

ومنها:

فأَلقَتْ عصاها واستقرَّتْ بها النَّوى … كما قَرَّ عيناً بالإياب المُسافرُ

وقيل: إن هذا البيت لراشد بن عبد رَبّه، وكان رسول الله قد ولّاه المظالمَ بنَجران، فقال: [من الطَّويل]

حدّثنا القلبُ عن سَلْمى وأَقصَر شَأوُه … ورَدَّت عليه ما بَعَتْه (٢) تُماضِرُ

وحَلَّمَه شَيبُ القَذال عن الصِّبا … وللشَّيبُ عن بعض الغِوايةِ زاجرُ

فأقصر جَهلي اليوم وارتَدَّ باطلي … عن اللهو لمّا ابيضَّ مني الغَرائرُ

وخبَّرها الواشون أن ليس بينها … وبين قُرى بُصرى وحوران كافرُ

فأَلقَتْ عصاها واستقرَّت بها النَّوى … البيت

ومنها يوم جَدُود، وهو موضع فيه ماء يُسمّى الكُلاب، كان الحَوْفَزان بنُ شَريك على بني سعد، طعنه قيسُ بن عاصم فبقي الحوفزان أيامًا ومات.

وقال أبو عبيدة: غزا الحوفزان وهو الحارث بن شَرِيك، فأغار على مَنْ بالقاعةِ من بني سعد بن زيد مَناة، فأخذ نَعَماً وشاءً، وأخذ الزَّرقاء من بني رُبيْع بن الحارث، فأُعْجِبَ بها، وأُعْجِبت به، فلم يتمالك أن وَقعَ عليها، فلما انتهى إلى جَدود منعتْه بنو يَربوع أن يَرد الماء، ورئيسُهم عُتيبة بنُ الحارث بن شهاب فقاتلهم، فلم يكن له بهم


(١) كذا، وفي المصادر: إذا دُعت بالسفح.
(٢) العقد ٥/ ١٤٦ و ٢٨٦، قوله: بعته؛ أي: أصابت منه، انظر اللسان، والتاج (بعو).