للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طاقةٌ، فصالحهم على أن يُعطيهم بعضَ الغنائم. ووَرد الماء، وأجازوه ومَن معه من بَكْر (١)، وبلغ قيسَ بن عاصم فركب في آثارهم، ومعه بنو سعد، وقال: [من الطَّويل]

جَزى الله يَرْبوعاً بأسوأ سَعيِها … إذا ذُكرت في النّائباتِ أُمورُها

ويومَ جَدُودٍ قد فَضحتُم أباكمُ … وسالمْتُم والخيلُ تَدمى نُحورُها (٢)

فأدركه قيسٌ وقد أَرْدَفَ الزَّرقاءَ خلفَه على فرسه، وعَقَدَ شَعْرها بصدره، فناداه قيسٌ: يا [أبا] حِمار أنا لك خير من البيداء والعطش، فقطع قرونَ الزَّرقاء وأَلْقاها عن الفرس، وأدركَه قيسٌ فطعنه فأصاب وَرِكَه، ومضى، فمات بعد أيَّام، وَردَّ قيسٌ الزَّرقاء إلى بني رُبَيع، وفيه يقول سَوَّار بن حيَّان المِنقريّ: [من الطَّويل]

ونحن حَفَزْنا الحَوْفَزان بطَعنةٍ … سَقَتْه نَجيعاً من دم الجَوْفِ أَشكَلا (٣)

ومنها يوم الحاجِزْ، قُتِلَ فيه وائل بن صُرَيم اليَشْكُري، قتله بنو أُسَيِّد بن عمرو بن تميم، كانوا يَغْمسونه في الماء، ويقولون: [من الرجز]

يا أيُّها الماتِحُ دَلْوي دُونَكا

حتَّى مات، فغزاهم أخوه باعِثُ بنُ صُرَيْم، فاقتل منهم مئة سَيِّدِ من ساداتهم (٤).

ومنها يوم حُسا، لمّا أصاب بنو عَبْس من ذُبيان يوم المُرَيْقِب، اجتمعوا والتَقوا بذي حُسا، وهو وادي الصَّفا من أرض اليَعْمَريّة، فهربت بنو عَبْس خوفاً أن لا يقوموا ببني ذُبْيان فقالوا: الفِداء أو الفَناء، فأشار قيسُ بن زهير على الرَّبيع بن زياد أن لا يناجزَهم، وأن يعطوهم رهائنَ من أبنائهم حتَّى ينظروا في أمرهم، فاتفقوا أن يكون الرَّهْنُ عند سُبَيع بن عمرو، أحد بني ثعلبة بن سعد بن ذُبْيان، فدفعوا إليه ثمانيةً من أبنائهم وانصرفوا.

وكان من رأي الرَّبيع مناجزتُهم، فصرفه قيس عن ذلك، وحضرت سُبَيْعاً الوفاةُ، فقال لابنه مالك بن سُبَيْع: إنّ عندك مَكرمةً لا تَبيد إن أنت حَفظتَ هؤلاء الغِلْمةَ،


(١) في العقد ٥/ ١٩٩: فصالحوهم على أن يعطوا بني يربوع بعض غنائمهم، على أن يخلوهم يردوا الماء، فقبلوا ذلك وأجازوهم.
(٢) النقائض ١٤٦ و ٣٢٧، والأغاني ١٤/ ٧٩، والعقد، والأنوار ١/ ٩٣.
(٣) العقد ٥/ ٢٠١ وما بين معكوفين منه، وانظر الحاشية السابقة.
(٤) العقد ٥/ ٢١١.