للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طائفة، فنادى قيس بن عاصم: يا آل سعد، ونادى عبد يغوث: يا آل سعد، وقيل ينادي بسعد بن زيد مَناة، وعبد يغوث ينادي بسعد العشيرة، ونادى قيس بن عاصم: يا آل مقاعس، وكان وَعلة بن عبد [الله] الجَرْمي بيده لواءُ اليمن، فلما سَمِعَ صوت قيس، طرح اللواء وانهزم القوم، وصاح قيس: يا بني تميم لا تقتلوا إلَّا فارساً، فالرجّالة لكم، فتبعوهم يقتلون ويأسرون، وأَسر عِصْمةُ بن أُبَير عبدَ يَغوث الحارثي، وكان عصمةُ غُلاماً، فوضع عَبْدَ يغوث عند الأَهْتَم، وكانت عنده امرأتُه العَبْشَميّةُ، فأعجبها خَلْق عبد يغوث وجمالُه، فقالت: مَن أَسر هذا؟ فقال: أسرني عِصمة، فقالت: من أنت؟ فقال: سيد القوم عبد يغوث، فضحكت، وقالت: قَبَّحَك الله من سَيِّدٍ أسره مثل هذا الغلام، واجتمعت الرّباب إلى الأهتم، وقالوا: ثَأرُنا عندك، وكان قد قتل النُّعمان ابن الجِساس ومَصاد بن ربيعة بن الحارث، فامتنع من تسليمه، وقال: لا أُسلِمُه إلَّا إلى مَن دَفعه إليّ، وكادت الفِتْنة أن تقع بين سعد والرِّباب، حتَّى أقبل قيس بنُ عاصم فصْرب الأَهْتَم بقوس فهَتَمَه، فسُمي الأهتم، وأَتَوا عِصْمة، فقالوا: ثأرُنا عندك، قتل سيّدنا النُّعمان وفارسنا مَصاد، فقال: إني مُمْلِق، وقد أصبتُ الغِنى، فباعهم إيّاه، فأخذوه فشدّوا لسانَه بنِسْعةٍ، فقال: أنتم قاتليّ لا محالة، فدعوني أنوحُ على نفسي، وأَذُمُّ أصحابي، فقالوا: أنت شاعرٌ ونخاف أن تَهجوَنا، فعاهدهم أن لا يفعلَ، فأطلقوا لسانه فقال أبياتاً منها: [من الطويل]

فيا راكباً إمّا عَرضْتَ فبَلِّغَن … ندامايَ من نَجرانَ أن لا تَلاقِيا

وتَضحكُ مني شيخةٌ عَبْشمية … كأن لم تَرى قبلي أسيراً يمانيا

يعني امرأة الأهتم، فضربوا عُنقَه (١).

ومنها يوم اللوى، غزا عبد الله بن الصمَّة، واسمه معاوية الأصغر، من بني غَزِيّةَ، فأغار على غطفان، فأَطرَدَ إبلاً عظيمةً، فقال له أخوه دريد: النَّجاءَ فقد ظَفِرْتَ، فقال: لا أَبرح حتَّى أنحر ناقة، وأَطبخ منها طعاماً لي ولأصحابي، فنحرها بمكان يقال له: اللوى، وقسم الإبلَ بين أصحابه، وأَدركه القومُ، وقُتِل عبدُ الله، وارتُثَّ دريد (٢)، وقام


(١) العقد ٥/ ٢٢٤ - ٢٣٠ وانظر النقائض ١٤٩ - ١٥٤ والأغاني ١٦/ ٣٢٩ - ٣٣٤، والمفضليات ١٥٧.
(٢) حُمل من المعركة جريحاً وبه رَمَق.