للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رُوحِي إلى الحيِّ فإن نَفسي

رَهينةٌ فيه بخَيرِ عِرسِ

حُسَّانَةُ المُقْلَةِ ذاتُ أُنْسِ

لا يُشَتَرى اليومُ لها بأَمْسِ

وكان اسم الرجل هانئ، فناداه لقمان: يا هانئ، فقال: مالك؟ فقال:

يا ذا البِجمادِ الحلَكهْ

والزَّوجةِ المُشْتَركهْ

لستَ لمَن ليست لَكَهْ

فذهبت مثلاً فقال له هانئ: نَوِّرْ، نَوَّر الله أَثَرَك، فقال له لقمان: عليَّ التَّنوير، وعليك التَّغيير إن كان عندك نكير، كلُّ امرئٍ في بيته أمير، فذهبت مثلاً، ثم قال: مَررْتُ وبي أُوام (١)، فدُفِعْتُ إلى خيمةٍ من الخيام، وإذا بفتاةٍ إلى جانب غُلام، والمنزلُ منزلُك، والمرأةُ امرأتُك وهي تُغازل شاباً، فسألتُها عنه فزعمَتْه أخاها، ولو أنه كما قالت لأفْصَح شِقَّاها، قال هانئ: ومن أين علمتَ أنه منزلي، والعَروس عِرْسي؟ فقال: رأيت عَقائقَ هذه النُّوق في الأَفْياء، وأَثَر هذه الخليَّة في الفِناء، وسَقْبَ هذه النّاب، وأَثَر يَدك في الأَطناب (٢)، فقال: صَدَقْتَ، فداك أبي وأمي، وكذَّبْتُ نفْسي، فما الرّأي؟ فقال: تحمي عِرْسَك، وتَحفظُ نفسَك، وتَقلبُ الظَّهرَ بطناً والبَطْنَ ظَهْراً، حتى يستبينَ لك الأمر أمراً، قال: ألا أُعالجها بكيَّة تُورِدُها المَنِيَّة، فقال لقمان: آخرُ الدَّواء الكَيّ، فأرسلها مثلاً، وهو أوَّلُ مَن قالها، وجاء هانئ إلى منزله فقال لامرأته: مَرَّ بك رجلٌ من هيْئتِه كذا وكذا؟ قالت: نعم. فسَلَّ سيفَه، ثم ضربها به حتى بَرَدَتْ (٣).


(١) أي: غَطَشْ.
(٢) العقائق: جمع عقيقة، الشأة التي تذبح عند حلق شعر الولود، أو صوفها، والأفياء: جمع فيء، ما بعد الزوال من الظلِّ، والخلية: الإبل المخلّاة للحَلْب، والناب: الناقة المسنَّة والسقب: ولدها، والأطناب: حبال يشد بها سرادق البيت، أو الأوتاد.
(٣) مجمع الأمثال ١/ ٢٩١، وأمثال أبي عبيد ١٧٥، والعسكري ١/ ٤٢٤ و ٤٨١، والزمخشري ٢/ ٩٣.