للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشرق إلى المغرب (١).

وقال حسان: إني لغلامٌ يَفَعةٌ ابن سبع سنين، وإذا بيهوديٍّ يصرخ بيثرب: يا معاشر يهود، طلع والله نَجْمُ أحمد في هذه الليلة، ولدته أمه (٢). قال حسان: فأدركه والله اليهودي، ولم يؤمن به حسدًا وبَغيًا.

حديث مَخزوم بن هانئ عن أبيه:

وكان قد أتت عليه خمسون ومئة سنة، قال: لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله ارتَجَّ إيوان كسرى، فانشق وسقط منه أربع عشرة شُرفة، وغاضت بُحيرة ساوة، وخَمدت نيرانُ فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، ورأى موبذ موبذان رؤيا هالته، ولما رأى كسرى انشقاق الإيوان، ووقوع الشرفات؛ هالته وجلس على سريره ودعا وزراءه، فاجتمعوا. فقال لهم: قد رأيتُ ما أفزعني. فبينما هو كذلك؛ إذ جاء الموبذ خائفًا، فقال له: مالك؟ فقال: رأيت رؤيا هالتني، قال: وما هي؟ قال: رأيتُ إبلًا صِعابًا تقود خَيلًا عِرابًا قطعتْ دجلة، وانتشرت في بلاد فارس، وبينا هم على ذلك؛ إذ ورد كتاب يُخبر فيه بخمود النيران، وذهاب بحيرة ساوة، فازدادوا غمًّا، قال لهم: ما عندكم؟ فلم يَردُّوا عليه شيئًا، فقال للموبَذ: فما تأويل رؤياك؟ فقال: حادثة تكون من ناحية العرب.

فكتب كسرى إلى النعمان بن المنذر -وهو على الحيرة-: وَجِّه إليَّ رجلًا من العلماء أسأله عما أريد، فبعث إليه بعبد المسيح بن عمرو بن قيس الغَسَّاني، فلما قدم على كسرى أخبره بما حدث، فقال: عِلْمُ ذلك عند خالٍ لي يسكن مَشاريقَ الشام يقال له: سَطيح، قال: فاذهب إليه وأخبره بما حدث، وعجل لي بالجواب. فركب عبد المسيح راحلته وسار مجدًّا حتى قدم الشام، وسطيح بالجابية قد أشرف على الموت، فسلم عليه، فلم يُحِرْ جوابًا فقال عبد المسيح: [من الرجز]


(١) أخرجه الحاكم ٢/ ٦٠١ - ٦٠٢، والبيهقي في "الدلائل" ١/ ١٠٨ - ١٠٩. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وخالفه الذهبي.
(٢) انظر "السيرة" ١/ ١٤٧، والمستدرك ٣/ ٤٨٦، و"دلائل النبوة" ١/ ١١٠.