للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جبل لُبْنان: وهو بالشام، من أعظم الجبال وأبركها، وأصله من الحجاز يأتي من العَرْج ويتصل بالجبال التي على ساحل البحر الشرقي على الطُّور وأَيلة، وبتصل بجبال بيت المقدس، ثم يمتدُّ على البقاع وبلد حمص وحلب والثغور، ويمتدُّ إلى الروم واللُّكَّام، وفيه العيون الباردة، والأشجار المثمرة، والمباحات الكثيرة، والحشائش التي تدخل في الدِّرياق.

ويقال: إن فيه حشيشة الكيمياء، وفيه الصالحون والأبدال، وفيه جبل يقال له: جبل الدير مطلٌّ على ساحل بيروت، يقال: إنَّه الجبل الذي قال فيه كنعان بن نوح: ﴿قَال سَآوي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ﴾ [هود: ٤٣] وبسفحه قرية يقال لها: الكَرْك، فيها قبر يقال: إنه قبر نوح ، وفي سفحه أيضًا قبر شيبان الراعي، وقصته مع ذي النون المصري معروفة، وسنذكرها.

وحكى ابن الكلبي عن كعب الأحبار قال: قدم الخليل الشام فاشتاق إلى بيت المقدس فقال: يا رب أرني الأرضَ المقدسة، فقيل له: اصعدْ على لبنان وانظرْ إلى أيِّ مكان انتهى بصرك فهو مقدَّس.

وروي عن شقيق البلخي أنه قال: ما اتخذ الله وليًّا حتى يسحب ذيله على لبنان.

وروى عكرمة عن ابن عباس قال: بنى إبراهيم الكعبةَ من خمسة أجبل: أبي قبيس، وطور سِينا، وطور زَيتا -وهو جبل ببيت المقدس- والجُودي، ولُبنان (١).

وقد روينا عن جماعة من المشايخ أنهم شاهدوا الأبدال فيه، وسنذكر حكاية ذي النون المصري مع شيبان الراعي في ترجمة ذي النون المصري. وذكر الحافظ أبو القاسم ابن عساكر حكاية جرت فيه لبعض السياحين نذكرها في السنة الثامنة عشرة وثلاث مئة.

لَعْلَع: من جبال الحجاز، ذكره الجوهري وقال: كانت عنده وقعة مشهورة، وأنشد: [من الطويل]

لقَد ذاقَ منَّا عامِرٌ يَومَ لَعْلَعٍ … حسامًا إذا ما هُزَّ بالكفِّ صَمَّما (٢)


(١) أخرجه الطبري ١/ ١٢٤ من حديث عطاء.
(٢) "الصحاح": (لعع)، والبيت لحميد بن ثور في ديوانه ص ٣١.