للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل، وأبو سفيان في القلب، والظعائن والقينات تبتدرهن هند بنت عتبة في أوائل الصفوف وبيدها دُفٌّ وهي تقول:

نحنُ بناتُ طارق (١)

نَمشِي على النَّمارق

إن تُقبلوا نُعانِق

أو تُدبروا نُفارِق

فراقَ غيرِ وَامِق (٢)

ولما سمع رسول الله قول هند، قال: "اللَّهم بِكَ أَصُولُ وأجُولُ، وفيكَ أُقاتِلُ، وأَنتَ حَسبي ونِعمَ الوكِيلُ" (٣). وكانت هند ترتجز وتقول:

إيهِ بَني عَبدِ الدَّار

إيهِ حُماةَ الأَدبار

بكلِّ سَيفٍ بتَّار (٤)

فرآها أبو دُجانةَ فحمل عليها لِيقتُلَها، ثم كف عنها فلامه الأنصار، فقال: أكرمتُ سيف رسول الله عنها - وكان قد أعطاه سيفه في ذلك اليوم (٥).

وأولُ من أنشب الحرب أبو عامرِ الراهب، وكان يقول لقريش: متى التقينا لم يَختلفْ عليَّ منهم اثنان، فتقدم أبو عامر في الأحابيش وعُبْدان مكة، فنادى: يا معاشر الأوس، أنا أبو عامر الراهب. فقالوا: لا مرحبًا بك ولا أهلا، ولا أنعم الله بك يا


(١) يقال: هي بنت بياضة بن رباح بن طارق الإيادي. انظر "الروض الأنف"٢/ ١٢٩ - ١٣٠، و"السيرة الشامية"٤/ ٣٨٤.
(٢) وامق: فراق غير محب.
(٣) أورده البلاذري في "أنساب الأشراف"١/ ٣٧٥ - ٣٧٦. وأخرج شطره الأول البزار في "مسنده" (٨٠٤) من حديث علي، ولفظه: كان النبي إذا أراد سفرًا قال: "اللهمَّ بك أجول، وبك أصول، وبك أقاتل".
(٤) رواية "السيرة" ٣/ ٢٠: ضربا بكل بتَّار.
(٥) "تاريخ الطبري" ٢/ ٥١١.