للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان أبو هريرة يقول لما فتحت هذه الأمصار في زمن عُمَر وما بعده: افتحوا ما بدا لكم فوالذي نفسُ أبي هريرة بيده ما فتحتم مدينة ولا تفتحونها إلى يوم القيامة إلاّ وقد أعطي محمدٌ مفاتيحَها (١).

وقال جابر: مكث النبي وأصحابه وهم يحفرون الخندق ثلاثًا لم يذوقوا طعامًا، فقالوا: يا رسول الله، إن ها هنا كُدْيَةً مَن الجبل، فقال رسول الله : "رُشُّوهَا بالمَاءِ"، فرشوها، ثم جاء النبي فأخذ المِعْوَل والمِسْحاة، ثم قال: "بِسْمِ اللهِ"، وضرب ثلاثًا فَصارت كثيبًا مُهالًا. قال جابر: فحانت مني التفاتة، فإذا رسول الله قد شد على بطنه حجرًا. أخرجاه في "الصحيحين" (٢).

وقال البراء بن عازب: رأيت رسولَ الله ينقلُ معنا التراب ويقول:

واللهِ لولا اللهُ ما اهتدَيْنا … ولا تصدَّقْنا ولا صَلَّيْنا

فأَنْزِلَنْ سَكينةً علَيْنا … وثبِّتِ الأقدامَ إن لاقَيْنا

والمُشرِكونَ قد بَغَوا علينا … إذا أرادوا فتنةً أبينا

يرفع صوته وقد وارى التراب بياضَ إبطيه. أخرجاه في "الصحيحين" (٣)، والأبيات لعبد الله بن رواحة.

قال أنس: وكانوا يُؤْتَوْنَ بملء كَفًّ من شعير، فَيُصْنَعُ لهم بإهالَةٍ سَنِخةٍ، ويوضع بين أيديهم والقوم جياعٌ وهي بشِعَةٌ في الحَلْق ولها ريح منكرة. انفرد بإخراجه البخاري (٤).

ولما استقر نزول الكفار على المدينة، خرج حُيَيُّ بنُ أَخْطَب إلى كعب بن أسد صاحبِ عَقْدِ بني قريظة، وكان كعب قد وادع رسول الله على قومه، وعاهده أن لا يُعينَ عليه، فلما علم كعب بمجيء حيي، أغلق باب الحصين دونه، فناداه: يا كعب،


(١) "السيرة" ٢/ ٢١٩، و"تاريخ الطبري" ٢/ ٥٧٠.
(٢) البخاري (٤١٠١)، ومسلم (٢٠٣٩) بقصة المجاعة التي أصابتهم ووضعه الحجر على بطنه، وهذا لفظ أحمد في "مسنده" (١٤٢١١).
(٣) أخرجه البخاري (٣٠٣٤)، ومسلم (١٨٠٣)، واللفظ للحميدي في "الجمع بين الصحيحين" (٨٥٢).
(٤) البخاري (٤١٠٠).