للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليلة، فاشتد عليهم البلاء ولم ينصرهم أحد، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ وكان مُثْخَنًا من الجرح الذي أصابه يوم الخندق.

وللبخاري، عن أنس قال: كأنِّي أَنظُرُ إلى غُبار ساطع في سكة بني غَنْم، موكب جبريل حين سار رسول الله إلى بني قريظة (١).

وعن ابن عمر قال: لما رجع النبي من الأحزاب قال: "لا يُصَلَّيَنَّ أحدٌ العَصرَ إلَّا في بَني قُريظَةَ". فأدرك بعضهم العصرَ في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي لم يُرِدْ ذلك مِنّا. فذُكر ذلك للنبي ، فلم يُعَنِّفْ منهم أحدًا. أخرجاه في "الصحيحين" (٢).

قال ابن إسحاق: وسار علي بالراية حتى إذا دنا من الحصون، سَمع مقالةً قبيحة في حق رسول الله فرجع، فلقيه في الطريق فقال له: يا رسول الله، لا عليك أن تدنو من هؤلاء الأخابث، قال: "أَظنُّكَ سَمعتَ لي مِنهم أَذًى" قال: نعم، قال: لو قد رأوني لم يقولوا شيئًا من ذلك.

فلما دنا رسول الله من حصونهم، ناداهم: "يَا إخْوَةَ القِرَدَةِ والخَنازِيرِ، هَل أَخْزاكُمُ اللهُ وأَنَزلَ بِكُم نِقْمتَهُ؟ " فقالوا: يا أبا القاسم، ما كنتَ جهولاً. ومرَّ رسولُ الله على أصحابه فقال: "هل مرَّ بكم أحدٌ؟ " قالوا: نعم، مرَّ بنا دِحْيَةُ بنُ خليفةَ الكَلْبي على بغلة شهباء عليها قَطيفةٌ من ديباج. فقال رسول الله : "ذَلكَ جبريلُ بُعِثَ إلى بَني قُريظَةَ، يُزَلزِلُ عَليهم حُصُونَهُم، ويَقذِف الرُّعبَ في قُلُوبهم". ثم نزل رسول الله على بئر من آبارهم، وتلاحق به الناس (٣).

وقال الواقدي: لما دخل رسول الله بيت عائشة رضوان الله عليها، جاءه جبريل وعلى ثناياه النَّقع، فقال له: إلى بني قريظة (٤).

وضرب رسول الله على سعد بن معاذ في المسجد قبة، وترك عنده امرأة من


(١) أخرجه البخاري (٤١١٨).
(٢) أخرجه البخاري (٤١١٩)، ومسلم (١٧٧٠)، وعند مسلم: الظهر بدل العصر.
(٣) "السيرة" ٢/ ٢٣٤، و"تاريخ الطبري" ٢/ ٥٨٢.
(٤) "المغازي" ٢/ ٤٩٧.