للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصابوا رجلًا واحدًا فأسلم، فتركه رسول الله .

وفيها: كانت سرية زيد بن حارثة (١) إلى بني سُليم في ربيع الآخر، وكانوا بمكان يقال له: الجَموم، بينه وبين المدينة أربعةُ بُرُدٍ، فمروا بامرأة من مُزَيْنَةَ يقال لها: حليمة، فدلَّتهم على العدو وساعدهم زوجها (٢)، فأصابوا من بني سُليم نَعَمًا وأسرى وشاءً، فلما عاد زيد إلى المدينة، حمل المرأة وزوجها ووهب الجميع لزوجها (٣).

وفيها: كانت سرية زيد أيضًا إلى العيص (٤)، في جمادى الأولى، وبينه وبين المدينة أربعة أميال، في مئة وسبعين راكبًا يطلب عِير قريشٍ، جاءت من الشام، أخذها وما فيها، وأسر أبا العاص بن الربيع زوج زينب بنت رسول الله ، فقدم به المدينة.

وقال الواقدي: هرب أبو العاص من زيد، فدخل المدينة ليلًا وأتى باب زينب فاستجار بها فأجارته، فلما خرج رسول الله لصلاة الفجر، صاحت زينب : أيها الناس، إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع.

فلما سلَّم رسول الله قال: "سَمِعتُم ما سَمِعتُ"؟ قالوا: نعم، قال: "فَوَالذي نَفسِي بِيَده ما عَلِمتُ بشَيءٍ ممَّا كَانَ، حتى سَمِعتُ ما سَمعتُم، إنه يُجِيرُ على النَّاس أَدناهُم، وقد أَجرتُ مَن أَجارَتْ زَينَبُ"، ثم قال: "يا بُنيَّةُ، أَكرِمي مَثواهُ، ولا يَخْلُصْ إليكِ؛ فإنَك لا تَحِلِّينَ له" ثم ردَّ عليه ماله. وخرج أبو العاص إلى مكة، ثم عاد إلى المدينة مسلمًا.

وذكر موسى بن عقبة: أن الذي أسر أبا العاص إنما هو أبو بَصير وأبو جَندل، قال: لما قال رسول الله لأبي بصير بعد قتل جُحيش: "اذهَبْ أَينَ شِئتَ". خرج في خمسة نفرٍ كانوا قدموا معه من مكة مسلمين، فنزلوا بين العِيص وذي المَروْة يقطعون الطريق


(١) "الطبقات الكبرى" ٢/ ٨٣، و"أنساب الأشراف" ١/ ٤٥٥، و"تاريخ الطبري" ٢/ ٦٤١، و"دلائل النبوة" ٤/ ٨٤، و"المنتظم" ٣/ ٢٥٦، و"البداية والنهاية" ٤/ ١٧٨.
(٢) الصواب أنهم أسروه فيمن أسر.
(٣) العبارة في "الطبقات": وهب رسول الله للمزنية نفسها وزوجها.
(٤) "المغازي" ٢/ ٥٥٣، و"الطبقات الكبرى" ٢/ ٨٣، و"أنساب الأشراف" ١/ ٤٥٥، و"دلائل النبوة" للبيهقي ٤/ ٨٤، و"المنتظم" ٣/ ٢٥٦، و"البداية والنهاية" ٤/ ١٧٨.