للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على قريش، وأفلت أبو جندل بن سهيل بن عمرو في سبعين راكبًا أسلموا وهاجروا، وكرهوا أن يَقْدموا على النبي في هدنة المشركين، فلحقوا بأبي بَصير، وكان أبو بَصير يَؤُمُّ بأصحابه، فلما قدم أبو جندل كان هو الإمامَ، واجتمع إليهم أُناس من بني غِفار وأسلمَ وجُهَينَة، وطوائفُ مسلمون حتى بلغوا ثلاث مئة مقاتل، فأرسلت قريش أبا سفيان بن حرب إلى رسول الله يسألونه ويتضرعون إليه أن يبعث إلى أبي بصير وأبي جندل ومن معهم أن يَقْدِموا عليه، وشكَوْا إليه ما يلاقون منهم، ولم يزل أبو بصير وأبو جندل وأصحابُهما بذلك المكان حتى مرَّ بهم أبو العاص من الشام في رِفْقة من قريش، فأخذوهم وأخذوا ما معهم، ولم يقتلوا منهم أحدًا لأجل أبي العاص وخَلَّوْا سبيله، فقدم المدينة فجاء إلى زينب ، واستجار بها، وكلَّمها في أصحابه وما أُخِذَ لهم. فكلَّمت رسول الله في ذلك، فقام خطيبًا وقال: "إنَّا صَاهَرنَا أُناسًا، وصَاهَرنا أَبا العاصِ فَنِعم الصِّهْرُ وجَدناهُ، وإنَّه أَقَبَل من الشَّام ومَعَه رِفقَةٌ، فأَخَذَهم أَبو جَنْدَلٍ وأَبو بَصِيرٍ، وأَخَذوا ما كانَ مَعَهم، وقد سَأَلتني زَينبُ أَن أُجِيرَهُم، فَهَل أَنتُم مجيرونَ أَبا العاصِ وأصحابَه"؟ قال الناس: نعم.

وبلَغ أبا بصيرٍ وأبا جندلٍ، فردوا عليهم جميع ما أخذوه حتى العِقالَ، وكتب لهم رسول الله يأمرهم بالقدوم عليه (١).

* * *

وفيها: كانت سريةُ زيدٍ - أيضًا - إلى الطَّرَفِ (٢) ما دون النُّخَيل على ستة وثلاثين ميلًا من المدينة قريبًا من المِراضِ في خمسةَ عشر رجلًا، فأغار على بني ثعلبة وعاد سالمًا.

* * *


(١) "دلائل النبوة" ٤/ ١٧٤ - ١٧٥.
(٢) "المغازي" ٢/ ٥٥٥، و"الطبقات الكبرى" ٢/ ٨٤، و"أنساب الأشراف" ١/ ٤٥٥، و"تاريخ الطبري" ٢/ ٦٤١، و"دلائل النبوة" ٢/ ٨٤، و"المنتظم" ٣/ ٢٥٧، و"البداية والنهاية" ٤/ ١٧٨.