للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها: كانت سرية زيد - أيضًا - إلى حِسْمى (١) وراء وادي القُرى، فيها جبالٌ شواهقُ مُلْسُ الجوانب لا يكاد القتامُ (٢) يفارقها في جمادى الآخرة.

قال الواقدي: وسببها: أن رسول الله ﷺ بعث دِحْيَةَ بنَ خليفةَ الكَلْبي إلى قيصر ملك الروم بكتابه، ثم عاد وقد أجازه قيصر وكساه، فلقيه الهُنيد بن عارض في ناسٍ من جُذام فقطعوا عليه الطريق، وأخذوا ما كان معه وأسروه. فسمع قوم من بني الضُّبَيب فاستنقذوه منهم، فلما قدم دِحية على رسول الله ﷺ أخبره، فبعث زيدًا في خمس مئة وردَّ معه دِحْيَةَ، وكان يسير ليلًا ويكمُنُ نهارًا حتى بغتهم، فقتل الهُنيدَ وأباه وابنه، وجماعةً من قومه، وسبى مئة من الرجال والنساء، وأخذ ألف بعير، وخمسة آلاف شاة، وكان فيهم قومٌ من جُذام، فقدم زيد بن رِفاعة الجُذامي المدينة بكتاب كان رسول الله ﷺ كتبه له ولقومه ليالي الهجرة، فأسلم وقومه، فرد عليه رسول الله ﷺ جميع ما أخذوه منهم، وقال له زيد بن رفاعة: يا رسول الله، لا تحرِّم علينا حلالًا ولا تحل حرامًا. فقال: "كَيفَ أَصنَعُ بالقَتْلَى"؟ فقال أبو يزيد بن عمرو - وكان من قوم رفاعة -: أطلق لنا من كان حيًا، ومن قتل فهو تحت قدميَّ هاتَيْن. قال: صدق، فردَّهم عليه.

قال المصنف ﵀: وقول الواقدي إن هذه الواقعة كانت بسبب دحية عند رجوعه من عند قيصر، وهمٌ لأنَّ رسولَ الله ﷺ إنما كتب إلى قيصرَ وغيرِه بعد غزاة الحديبية في آخر هذه السنة، وجاءه الجواب في سنة سبع من الهجرة.

وفيها: كانت سرية عبد الرحمن بن عوف (٣)، إلى دُوْمة الجندل إلى كلب، وعمَّمه رسول الله ﷺ بيده وقال له: "اغْزُ بسْمِ اللهِ، وعلى بَرَكةِ اللهِ، ولا تَغُلَّ ولا تَغْدِر، ولا تَقتُلْ وَليدًا ولا امْرأَةً". فسار حتى وصل إلى ماء بين خيبر وفَدَك يقال له: الهَمَج، فوجد


(١) "السيرة" ٢/ ٦١٢، و"المغازي" ٢/ ٥٥٥، و"الطبقات الكبرى" ٢/ ٨٤، و"أنساب الأشراف" ١/ ٤٥٦، و"تاريخ الطبري" ٢/ ٦٤١ - ٦٤٢، و"دلائل النبوة" ٤/ ٨٤، و"المنتظم" ٣/ ٢٥٨، و"البداية والنهاية" ٤/ ١٧٩.
(٢) القتام: الغبار.
(٣) "السيرة" ٢/ ٦٣١، و"المغازي" ٢/ ٥٦٠، و"الطبقات الكبرى" ٢/ ٨٥، و"أنساب الأشراف" ١/ ٤٥٦، و"تاريخ الطبري" ٢/ ٦٤٢، و"دلائل النبوة" للبيهقي ٤/ ٨٥، و"المنتظم" ٣/ ٢٥٩، و"البداية والنهاية" ٤/ ١٧٩.