للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: كنتُ جالسًا في مجلس مالك بن أنس، فاستأذن عليه سفيان بن عُيينة، فأذِنَ له فدخل فسلَّم، وقال: السلام خاصٌّ وعام، السلام عليك أبا عبد الله، فقال مالك: وعليك السلام أبا محمد ورحمةُ الله وبركاته، وقام إليه فصافحه، وقال: لولا أنَّ المعانقة بِدْعَةٌ لعانَقْتُكَ، فقال سُفْيان: قد عانق من هو خير مني مَنْ هو خيرٌ منك، قال مالك: رسولَ الله وجعفرًا؟ قال: نعم، قال مالك: ذاك خاصٌّ وليس بعامًّ، فقال سفيان: ما عَمَّ جعفرًا يعمنا وما خصَّه يَخُصُّنا. ثم قال سُفْيان: يا أبا عبد الله أتأذن لي أن أُحَدِّثَ في مجلسك؟ قال: نعم، حدثنا عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس: أن جعفر بن أبي طالب لما قدم من أرض الحبشة تَلقَّاه رسول الله واعتنقه وقال: جعفرٌ أَشْبَهُهُم بي خَلْقًا وخُلُقًا (١).

* * *

وفيها: قَدِمَ أبو هريرة على رسول الله بخيبر.

قال الواقدي: قدم الطُّفَيْلُ بن عَمْرو الدَّوْسيُّ وقومُه المدينةَ بعدما أسلموا، في سبعين راكبًا، وفيهم أبو هريرة، ورسولُ الله بخيبر، فخرجوا إليه، فلقوه هناك، فأسهم لهم، وقَدِموا معه المدينة فقال الطفيل: يا رسول الله لا تُفَرِّقْ بيني وبين أصحابي، فأَنْزَلَهُم حَرَّةَ الدجاح، وقال أبو هريرة: لما أقبلتُ أُريدُ الإسلام كان معي غلام ضلَّ عني وأقبل غلامي بعد ذلك وأنا جالس عند رسولِ الله فقال: يا أبا هريرة هذا غلامك قد أتاك، فقلت: يا رسول الله إني أشهدك أنه حر.

وفي رواية: لما قدمتُ على رسول الله قلت وأنا في الطريق: [من الطويل]

يا ليلةً من طولِها وعنائها … على أنها من دارةِ الكفر نَجَّتِ

فقدمتُ على النبي فبايعتُه، فبينا أنا عنده إذ طلع الغلام فقال: هذا غلامك، فقلت: هو حر لوجه الله (٢).

وفي أفراد البخاري، عن أبي هُرَيْرَةَ قال: أتَيْنا رسولَ الله وهو بخيبر بعدما


(١) أخرج القصة ابن عساكر في "تاريخه" ٥٨/ ٣٦٥.
(٢) انظر "الطبقات" ١/ ٣٠٤، و ٥/ ٢٣١.