للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شئتَ لأفعلَنْ، فقال لها: أَجَلْ، حدَّثيني، قالت: نكحتُ ابنَ المغيرة وهو من خَيْرِ شباب قريش يومئذ، فأصيب في أول الجهاد مع رسول الله فلما تَأَيَّمْتُ خطبني عبد الرحمن بنُ عوفٍ في نفر من أصحاب رسول الله [وخطبني رسول الله ] على مولاه أسامةَ بن زيد، فلما كلَّمني رسولُ الله قلتُ: أمري في يَدِك فأنْكِحني من شئتَ، فقال: "انتَقِلي إلى أمِّ شَريك" وأُمُّ شريك امرأة غنيَّةٌ من الأنصار، عظيمة النفقة في سبيل الله، ينزل عليها الضِّيفانُ، فقلت: سأفعل، فقال: "لا تَفْعلي، إنَّ أُمَّ شَريكٍ كثيرةُ الضِّيفانِ، وأَكْرهُ أن يَسقُطَ خِمارُكِ وَينكَشِفَ الثَّوبُ عن ساقَيْكِ، فيرى القَوْمُ منك بعضَ ما تَكرهينَ، ولكِن انْتَقِلي إلى ابنِ عمِّكِ، ابنِ أُمِّ مكْتُومٍ". فانتقلتُ إليه، فلما انقَضَتْ عِدَّتي سمعنا نداءَ منادي رسول الله ينادي: الصلاةَ جامعةً، فخرجت مع النساء إلى المسجد، فصَلَّيْتُ مع رسول الله ، فكنت من النَّساء اللاتي بين ظهور القوم، فلما قضى رسول الله صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال: "ما جَمَعتُكُم لرَغبَةٍ ولا لِرَهْبةٍ، ولكِنْ جمَعتكُم لأنَّ تميمًا الداري حدَّثني حديثًا وافَقَ ما كُنتُ حَدَّثتُكُم عن المسيحِ الدجَّالِ، حدَّثني أنَّه رَكِبَ في سفينةٍ بحريةٍ مع ثلاثينَ رجلًا من لَخْم وجُذام، فلعب بهم الموجُ شهرًا في البحر، ثم أَرْفؤوا إلى جزيرةٍ في البحرِ حينَ تغرُبُ الشمسُ، فجلسوا في قاربٍ ودخلوا الجزيرةَ، فَلَقِيتهم دابَّةٌ أَهْلَبُ كثيرُ الشَّعَرِ، لا يَدرون ما قُبُلُه من دُبُرِه، فقالوا: ويلكِ ما أنتِ؟ قالت: أنا الجسَّاسةُ، قالوا: وما الجسَّاسةُ؟ قالت: أيُّها القومُ، انْطَلقوا إلى هذا الرجلِ الَّذي في الدَّير فإنّه إلى لقائكُم بالأشواقِ، قال: فلما سَمَّت لنا رجلًا فرِقْنا منها أنْ تكُونَ شَيطانةً - أو شيطانًا - فانْطَلقنا سِراعًا حتَّى دَخَلنا الدَّيرَ فإذا فيه أعظمُ إنسانٍ رأيناهُ قطُّ خَلْقًا، وأشدُّهُ وثاقةً، مجموعةٌ يداه إلى عُنقه، ما بين رُكبتيه إلى كَعبهِ بالحديدِ، قلنا: ويلَكَ ما أنتَ؟ قال: قد قَدَرتُم على خَبري، فأَخبرُوني ما أَنتُم؟ قالوا: نحن أُناسٌ من العَرَب ركبنا في سفينةٍ بحريةٍ فصادَفْنا البحر حين اغْتلمَ، فلعب بنا الموجُ شهرًا ثم أَرْفأنا إلى جزيرتكَ هذه، فجلَسنا في أَقْرُبها فدخَلْنا الجزيرةَ فلقينا دابةٌ أَهْلبُ كثيرُ الشَّعَرِ .. وذكر القصة إلى قوله: فإنّه إلى خَبركم بالأشواق فأقبلنا إليكَ سراعًا وفزعنا منها، ولم نأمَنْ أن تكونَ شيطانةً، فقال: أَخبروني عن نخل بَيْسانَ؟ قلنا: عن أيِّ شيء تَسْتَخبر؟ قال: أسألكم