للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن نخلها هل يثمر؟ قلنا: نعم، قال: يوشك أن لا يُثْمِرَ، قال: أخبروني عن بحيرة طبريّةَ؟ قلنا: عن أيِّ شأنها تستخبرُ؟ قال: أسألكم هل فيها ماء؟ قلنا: هي كثيرة الماء، قال: إنّ ماءَها يوشك أن يذهب، قال: أخبروني عن عين زُغَر؟ قلنا: عن أيّ شأنها تَسْتخبرُ؟ قال: هل فيها ماء وهل يَزرَعُ أهلها بماء العين؟ قلنا: نعم هي كثيرةُ الماءِ وأَهلُها يزرعُون من مائها، قال: أخبروني عن نبي الأُمِّيينَ ما فَعَلَ؟ قلنا: قد خرج من مكَّةَ ونزل يَثْربَ، قال: قَاتَلتْهُ العَربُ؟ قُلنا: نَعَم، قال: كيفَ صَنَع بهم؟ فأَخبرناهُ أنَّه قد ظَهَر على من يَليهِ منَ العَرَبِ وأَطاعُوهُ، فقالَ: قد كانَ ذلك؟ قلنا: نَعَم، قال: أما إنَّ ذلك خير لهم أن يُطيعوهُ، وإنّي مُخبِرُكم عني، أنا المسيحُ، وإنِّي أُوْشِكُ أن يؤذنَ لي في الخُروج فأخرجَ، فأَسيرُ في الأرضِ فلا أَدَعُ قريةً إلا هَبطْتُها في الأربعينَ ليلةً غيرَ مكَّةَ وطَيبةَ: هما مُحَرَّمتانِ عليَّ كِلتاهُما، كلَّما أَردتُ أن أَدخُلَ واحدةً مِنها استَقبَلني مَلَكٌ بيدهِ السيفُ صَلْتًا يصدُّني عنها، وإنَّ على كل نَقْب منها ملائكةً يحرُسُونها، قال رسول الله وطَعَن بمِخْصَرَتهِ في المِنْبَرِ: "هذه طيبةُ" يعني المدينة. قال: فإنّه أعجَبني حديثُ تميمٍ أنّه وافقَ الَّذي كُنْتُ أُحدَّثكم عنه وعن مكَّةَ والمدينةَ، إلا أنّه من بَحْرِ الشام أو بحر اليمن لا من قِبَلِ المشرق ما هو من قبل المشرق" يكرره وأومأ بيده إلى المشرق.

قالت: فحفظتُ هذا من قول رسول الله ، وهذا حديث طويل أخرجه الحميدي (١) من أفراد مسلم.

* * *

وفيها: كتب رسول الله إلى سمعان بن عمرو الكلابي كتابًا يدعوه إلى الإسلام، فرقَعَ به دَلْوَه، فقالت له ابنته: عَمَدْتَ إلى كتاب سيدِ العرب فرقعتَ به دلوك ستصيبك قارِعةٌ، فمرت به سريةُ رسولِ الله فاستباحوا كل شيء كان له، فهرب، ثم قدم على رسول الله مسلمًا، فرد عليه من ماله ما لم يُقسَم (٢).

* * *


(١) أخرجه مسلم (٢٩٤٢) والحميدي في "الجمع بين الصحيحين" (٣٥٣٦).
(٢) "الطبقات" ١/ ٢٤٢.