للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها: وَفَدَ وَفْدُ بني البَكَّاء، وهم: معاوية بن ثَوْر بن عُبادة وهو يومئذ ابن مئة سنة، ومعه ابنه بِشر، والفُجَيْعُ بن جُنْدَع (١)، وعبد عمرو، فأكرمهم رسولُ الله وأجازهم، فقال له معاوية بن ثور: يا رسول الله، إني قد كَبرت فامسح على وجه ابني بِشر، فمسح عليه ووهبه أَعْنُزًا عُفْرًا - أي بيضاء - فكانت السَّنَةُ تُصيب بني البكَّاءِ ولا تصيبهم، وفي ذلك يقول محمد بن بِشْر بن معاوية: [من الكامل]

وأبي الَّذي مَسَحَ الرَّسُولُ بوجههِ … ودعا له بالخَيْرِ والبَرَكاتِ

أعطاه أحمدُ إذ أَتَاهُ أَعْنُزًا … عُفْرًا ثَواجِلَ لَسْنَ باللَّجِباتِ

يملأْنَ رِفْدَ الحَيَّ كلَّ عَشِيَّةٍ … ويعودُ ذاك المَلْءُ بالغَدَواتِ

بُورِكنَ مِن مِنَحٍ وبُورِكَ مانِحًا … وعليه منِّي ما حَييتُ صَلاتي

وكتب لهم رسول الله كتابًا فهو عند الفُجيع وقومه (٢).

وفيها: قدم وفد بني عُقيل بن كعب، وفيهم ربيع بن معاوية بن خفاجةَ بن عمرو بن عقيل، وعقال بن خويلد وغيرهما، وأخذ عليهم رسول الله الإسلام، وقال لعقال ابن خويلد: قُلْ أشهد أن لا إله إلا الله، فقال: أشهد أن هُبَيْرة بنَ النُّفاضة نِعْمَ الفارسُ يوم قرني لبان (٣) - اسم موضع. فقال له: قل أشهد أن لا إله إلا الله، فقال: أشهد أن الصريح تَحْت الرِّغْوة، فقال ثلاثًا له، فأَسْلَم، فكتب لهم رسول الله العقيق، ويُسمى: عقيق بني عُقيل، وفيه عيون ونخل، وكتب لهم في أديم أحمرَ (٤).

* * *

وفي هذه السنة جرت قصة ثعلبة بن حاطب أحد المنافقين.

قال أبو أمامة الباهلي: جاء ثعلبة بن حاطب الأنصاري إلى النبي فقال: يا رسول الله، اُدْعُ الله أن يرزقَني مالًا، فقال: "وَيْحَكَ يا ثَعْلَبةُ، أَمالَك في رسولِ الله أُسوةٌ حَسَنةٌ، والذي نَفسي بيدهِ، لو أَردْتُ أَن تسيرَ الجبالُ معيَ ذَهَبًا وفضةً لَسَارت". ثم


(١) في طبقات ابن سعد ١/ ٢٦٣: والفجيع بن عبد الله بن جندح.
(٢) "الطبقات" ١/ ٢٦٢ - ٢٦٣، والثواجل: العِظام البطون.
(٣) في النسخ: "موليان" والمثبت من "الطبقات".
(٤) "الطبقات" ١/ ٢٦٠ - ٢٦١.