للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حفصة، فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبسُ، فسألت عن ذلك، فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عُكَّةَ عسلٍ، فسقت رسول الله منها، فقلت: والله لنحتالن له، فذكرتُ ذلك لسودة، وقلت: إذا دخل عليك فإنه سيدنو منك، فقولي له: يا رسول الله، أكلت مغافيرَ؟ فإنه سيقول لك: لا، فقولي: ما هذه الريح؟ وكان رسول الله يشتد عليه أن يوجد منه ريح، فإنه سيقول لك: سقتني حفصة شربة من عسل، فقولي له: جَرَسَت نحلُهُ العُرْفُط، وسأقول له ذلك، وقولي أنت له يا صفية، فلما دخل على سودة قالت له ذلك، ودخل على صفية فقالت له مثل ذلك، فلما دخل على حفصة قالت له: الا أسقيك يا رسول الله منه؟ فقال: "لا حاجةَ لي فيه". أخرجاه في "الصحيحين" (١).

والثاني: أن حفصة بنت عمر استأذنت رسول الله أن تزور أباها فأذن لها، فلما خرجت من البيت، أرسل رسول الله إلى مارية القِبطية، فجاءت، فواقعها في بيت حفصة، وجاءت حفصة، فرأت الباب مقفلًا، فجلست تبكي عند الباب، وخرج رسول الله فرآها تبكي ووجهه يقطر عرقًا، فقال لها: "ما يُبكيكِ؟ " فقالت: إنما أذنت لي حتَّى تدخل أمتك بيتي، وتقع عينها في فراشي وفي يومي، ما رعيت حقي، ولا حفظت حرمتي، ما كنت تصنع هذا بامرأة من نسائك، فقال لها: "اسكُتي، فهي حرامٌ عليّ، أَلْتمسُ بذلك رضاكِ، فلا تُخبري بهذا امرأةً منهنَّ، هو عندك أمانة" ولما خرج رسول الله من عند حفصة، قرعت الجدار الَّذي بينها وبين عائشة رضوان الله عليها وقالت: الا أبشرك أن رسول الله قد حرم عليه أمته مارية، فقد أراحنا الله منها، وكانتا متصافيتين متظاهرتين على جميع أزواجه، وأنزل الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ الآية [التحريم: ١ - ٢]. في العسل ومارية (٢).

والثالث: أن رسول الله ذبح شاة، فقسمها بين أزواجه، وبعث منها إلى زينب بنت جحش، فردته، ثم أرسل إليها، فردته، فاستشاط غضبًا، فآلى منهن.

وقال البخاري: حدَّثنا أحمد بن محمد المُزني، حدَّثنا عمرو بن يحيى، عن جده،


(١) البخاري (٥٢٦٨)، ومسلم (١٤٧٤) (٢١).
(٢) الخبر عند البغوي في "تفسيره" ٤/ ٣٦٣.