عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لم أزل حريصًا على أن أسأل عمر بن الخطاب ﵁ عن المرأتين من أزواج النبي ﷺ اللتين قال الله تعالى فيهما: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤] حتَّى حج عمر، وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق عدل، وعدلت معه بالإداوة، فتبرَّز، ثم أتاني، فسكبت على يديه، فتوضأ، فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان اللتان قال الله فيهما: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾؟ فقال عمر: واعجبًا لك يا ابن عباس، قال الزهري: كره والله ما سأله عنه، ولم يكتمه، قال: هما عائشة وحفصة، ثم ساق الحديث، فقال:
كنا معاشر قريش قومًا نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قومًا تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي، فغضبت يومًا على امرأتي، فإذا هي تراجعني، فأنكرت ذلك، فقالت: ما تنكر أن أراجعك، فوالله إن أزواج رسول الله ﷺ ليراجعنه، وتهجره إحداهن من اليوم إلى الليل، قال: فانطلقت، فدخلت على حفصة، فقلت: أتراجعن رسول الله ﷺ وتهجره إحداكن إلى الليل؟ قالت: نعم، قلت: قد خاب من فعلَت ذلك منكن وخسرت، أفتأمن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت؟ لا تراجعيه، ولا تسأليه شيئًا، وسليني ما بدا لك، ولا يغرنك جارتك، هي أوسم منك، وأحب إلى رسول الله ﷺ منك، يريد عائشة رضوان الله عليها، قال: وكان لي جار من الأنصار، قال: فكنا نتناوب النزول إلى النبي ﷺ فينزل يومًا، ويأتيني بخبر الوحي، وآتيه بمثل ذلك، وكنا نتحدث أن غسان تنعِل الخيل لتغزونا، فنزل صاحبي يومًا، ثم أتاني عشاء فضرب بابي، ثم ناداني، فخرجت إليه، فقال: حدث أمر عظيم، قلت: وما ذاك؟ جاءت غسان؟ قال: لا، بل أعظم من ذلك وأهول، طلَّق رسول الله ﷺ نساءه، فقلت: قد خابت حفصة وخَسِرت، قد كنت أظن هذا يوشك أن يكون.
حتَّى إذا صليت الصبح شددت عليَّ ثيابي، ثم نزلت، فدخلت على حفصة وهي تبكي، فقلت: أطلقكن رسول الله ﷺ؟ فقالت: لا أدري، هو هذا معتزل في مشربة، قال: فأتيت غلامًا له أسود، فقلت: استأذن لي على رسول الله ﷺ أو استأذن لعمر، فدخل، ثم خرج، وقال: قد ذكرتك له فصمت، فخرجت، فجلست عند المنبر وإذا