للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استَفْضله، ثم تابع الغُدُوَّ، فرآه رسول الله بعد ذلك وعليه أَثَرُ صُفْرَة، فقال: "مَهْيَمْ؟ " قال: تزوَّجتُ امرأةً من الأنصار، قال: "ما أصدَقْتَها؟ " قال: وَزنَ نَواةٍ من ذَهَب، قال: "أَوْلم ولو بشاة" (١).

قال ابن سعد، رفعه إلى أنس بن مَالِكٌ: أن عبد الرحمن بن عوف قدم المدينة، فآخى رسولُ الله بينه وبين سعد بن الرَّبيع الأنصاري فقال له سعد: أخي، أنا أكثرُ أهلِ المدينة مالًا، فانظُرْ شطرَ مالي فخُذْه، وتحتي امرأتان، فانظُرْ أيتهما أعجبُ إليك حتَّى أُطلقَها لك، فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، دُلّوني على السوق، فاشترى وباع، فربح، فجاء بشيء من أَقِط وسَمْنٍ، ثم لبث ما شاء الله أن يلبث، فجاء وعليه رَدْعٌ من زَعْفَران، فقال: يا رسول الله، تزوَّجتُ امرأةً، قال: "ما أصدَقْتَها؟ "، قال: وَزْنَ نَواةٍ من ذهب، قال: "أَوْلمْ ولو بشاة"، قال عبد الرحمن : فلقد رأيتُني ولو رفعتُ حَجَرًا رجوتُ أن أصيبَ تحته ذهبًا أو فِضة (٢).

وكان عبد الرحمن مَجدودًا في التجارة.

قال المسور بن مَخرمة: بينما أنا أسير في رَكْبٍ بين عثمان وعبد الرحمن بن عوف؛ وعبد الرحمن قُدّامي عليه خَميصةٌ سَوداء، قال عثمان: مَن صاحبُ الخَميصةِ السَّوداء؟ قالوا: عبد الرحمن بن عوف، فناداني عثمان: يا مِسْوَر، فقلتُ: لبيك يا أمير المؤمنين، فقال: مَن زَعم أنَّه خيرٌ من خالك في الهجرة الأولى وفي الهجرة الأخيرة فقد كَذب.

قال حَبيب بن أبي مَرزوق: قَدِمَت عِير لعبد الرحمن بن عوف، فكان لأهل المدينة يومئذٍ رَجَّةٌ، فقالت عائشة: ما هذا؟ قيل لها: هذه عِيرُ عبد الرحمن قَدِمتْ، فقالت عائشة: أما إنِّي سمعتُ رسول الله يقول: "كأني بعبد الرحمن بن عوف على الصّراط يَميل [به مرَّة] ويَستقيمُ أُخرى، حتَّى يُفلِت ولم يَكَدْ"، قال: فبلغ ذلك عبد الرحمن فقال: هي وما عليها صَدَقة، قال: وما كان عليها أفضلُ منها، وهي يومئذٍ خمس مئة راحِلة.


(١) أخرجه أحمد (١٢٩٧٦)، والبخاري (٢٠٤٩)، ومسلم (١٤٢٧).
(٢) طبقات ابن سعد ٣/ ١١٦ - ١١٧.