وكان في تُماضر سُوءُ خُلُق، وكانت على تطليقتين، فلما مرض عبد الرحمن ﵁ جرى بينه وبينها شيءٌ فقال لها: والله لئن سألتِني الطَّلاقَ لأُطَلِّقنَّك، فقالت: والله لأسألنَّك، فقال: أمّا إذًا، فاعلميني إذا حِضْتِ وطَهُرتِ، فلما طَهُرت أرسلت إليه تُعلِمه، فمرَّ رسولُها ببعض أهله، فظنّ أنَّه لذلك، فدعاه وسأله، فأخبره، فقال له: ارجع إليها فقل لها: لا تفعلي، فوالله ما كان ليَرُدَّ قَسَمه، فرجع فأخبرها فقالت: وأنا والله لا أردّ قَسَمي أبدًا، اذهبي إليه فأعلميه، فذهبت فأعلمتْه فطلّقها.
ثم تزوج تُماضر بعد عبد الرحمن ﵁ الزبيرُ بنُ العوام ﵁، فأقامت عنده سبعَ ليالٍ ثم طلّقها، فكانت تقول للنساء: إذا تزوَّجتْ إحداكن فلا يَعُرَّنَّكنّ السَّبع بعدما صَنع بي الزُّبير.
وكان لعبد الرحمن ﵁ إخوة، منهم:
الأسود بن عَوف، له صُحبة، وليس له رواية، هاجر قبل الفتح، وجابر بن الأسود، وَلي لابن الزُّبير ﵄، ومحمد وعباس ابنا الأسود، قُتلا مع ابنِ الأشعث.
وحَمْنَن بنُ عوف لم يُهاجر، وعاش في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة، وليس له رواية، ومن ولده القاسم بن محمد بن المعتمر بن عِياض بن حمنن، وفيه يقول الشاعر:[من الكامل]
إن المكارمَ أحرزَتْ أسبابَها … للقاسم بن محمد بن المعتَمِرْ
إن الفتى الزُّهريَّ سَيْبُ بَنانِه … كالنيل أو فَيضِ الفُرات إذا زَخَرْ
ما يُعرَفُ المعروفُ إلَّا فيهم … وهم الأُلى حازوا السَّماحَ على البَشَر
وعبد الله بن عَوف لم يُهاجر أيضًا، وابنُه طلحةُ الندى بن عبد الله، كان من سَرَوات قريش، كُنيته أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو محمد، وأمه بنت مُطيع بن الأسود، رُوي عنه الحديث، وكان هو وخارجة بن زيد من أرباب الفَتْوى بالمدينة، ويَقسمان المواريث، ويكتبان الوَثائق للناس بغير جُعْلٍ، وفي طلحة يقول الفرزدق:[من الكامل]
يا طلحُ أنت أخو النَّدى وعَقيدُه … إن النَّدى إنْ مات طلحةُ ماتا
أعطى السلطانُ طلحة بنَ عبد الله بن عوف سبعةَ آلاف درهم، فخرج بها مع غلامٍ يَحملها، فلقيَه أعرابيٌّ حديثُ عهدٍ بعِلّة، فقال له: أعدني على الفقر وأعنّي عليه، فقال للغُلام: انثُر ما معك في كساء الأعرابيّ، فذهب الأعرابي يُقلُّها فلم يَقدر وعَجز عنها،