للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتركوه وقالوا: إنك لتُوعِدنا، ثم لقوا الزُّبير فعرضوها عليه فأنشد: [من الطَّويل]

متى أنت عن دار بفَيحانَ راحلٌ … وباحتِها تَخنو عليك الكتائبُ

فقالوا: إنك لتُوعِدنا، فلقوا عليًّا، فعرضوها عليه فتمثل: [من الطَّويل]

ولو أن قومي طاوَعَتْني سَراتُهم … أمرتُهمُ أمرًا يُديخُ الأعاديا

فقالوا: إنك تُوعدنا، ووالله لئن لم تفعل لنُلحقَنَّك بعثمان.

وقال سيف: لَقوا عبد الله بن عمر فعرضوها عليه، فقال: إن لهذا الأمر انتقاضًا، فالتمسوا غيري، فبقوا حيارى لا يَدرون ما يَصنعون، فقالوا: يا أهل المدينة، قد أجَّلناكم يومَكم هذا، فوالله لئن لم تتَفقوا اليوم على أحدٍ لنقتُلَنَّ عليًّا وطلحة والزبير وأُناسًا كثيرًا، فأقبل النَّاسُ على عليٍّ وقالوا: قد ترى ما نزل بالإسلام، فهلُمَّ لنُبايعك، فامتنع.

وقال الطبري (١): اجتمعت الصحابةُ إلى علي، وسألوه أن يَليَ أمرَهم، فأبى وقال: لأنَّ أكونَ وزيرًا خيرٌ من أن أكونَ أميرًا، ولا حاجةَ لي في أمركم، أنا معكم، مَن اخترتُم رضيتُ به، ثم دخل حائط عمرو بن مَبْذول، وأغلق الباب، فتسوَّروا عليه الحائط، وبايعوه وقالوا: لا نُريد سواك.

وحكى داود بن أبي هند، عن الشعبي قال: لما قُتل عثمان أتى النَّاسُ عليًّا وهو في سوق المدينة، وقالوا: ابسُطْ يدَك نُبايعْك، فقال: لا تَعجَلوا، فإن عمر كان رجلًا مُبارَكًا، وقد أوصى بها شُورى، فأمهِلوا حتَّى يجتمع النَّاسُ عليّ ويتشاورون، فرجع النَّاس عنه، ثم قال بعضُهم لبعض: إن رجع النَّاسُ إلى أمصارهم بقتل عثمان، ولم يَقُمْ إمام، لم نَأمَن اختلافَ الأمَّةِ وفسادَها، فعادوا إلى على، فقبض الأشترُ على يده، فقبضها عليٌّ وقال: أبعد ثلاثة! فقال له: والله لئن تركتَها اليوم لتعْصِرنَّ عينيك عليها حينًا، فبايعه العامّة، قال: وأهل الكوفة يقولون: أوَّلُ مَن بايعه الأشتر.

وروى سيف بن عمر عن أشياخه: محمد وطلحة وأبي حارثة وأبي عثمان قالوا: لما


(١) في تاريخه ٤/ ٤٢٧ - ٤٢٨.