للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحيلة؟ قال: طَلبُ مَن يَفعلُ ذلك، وقتلُ مَن خرج من عنده.

وقال له عبد الله بن سعد: خُذْ من الناس الذي عليهم؛ فإنه أنفعُ لك من أن لا تأخُذَ منهم (١).

وقال له معاوية: لا يأتيك من الشام إلا ما تُريد، قال: فما ترى؟ قال: حسْنُ الأدب.

قال: يا عمرو، فما ترى؟

قال: إنك قد وَلَّيتَهم، وتراخيتَ عنهم، وزدتَهم على ما كان يَصنع عمر، فأرى أن تُديمَ طريقةَ صاحبَيك، فشِدَّةٌ في موضع الشِّدَّة، ولينٌ في مَوضع اللين.

فقال عثمان: قد سمعتُ ما أشرتُم به، ولكلِّ أمرٍ باب يُؤتى منه، وهذا الأمر الذي يُخافُ منه كائنٌ لا مَحالة، وإن رَحَى الفتنةِ لدائرة، فطُوبى لعثمان إن مات ولم يُحرِّكها.

وحكى الطبري عن موسى بن طلحة بن عبيد الله قال: أرسل عثمان إلى طلحة يَدعوه، قال موسى: فخرجت معه، فدخل على عثمان، وإذا عليّ وسعد والزبير ومعاوية، فحمد معاوية [الله]، وأثنى عليه بما هو أهلُه، ثم قال: أنتم أصحابُ رسول الله ، وخِيرتُه في الأرض وولاةُ أمر هذه الأمة، لا يَطمع في ذلك أحدٌ غيركم، اخترتُم صاحبَكم من غير غَلَبةٍ ولا طَمَع، وقد كبرت سِنُّه، وولَّى عُمرُه، ولو انتظرتم به الهَرَم كان قريبًا، مع أني أرجو أن يكون أكرمَ على الله من أن يَبلُغَ به ذلك، وما عِبتُم عليه من شيءٍ فهذه يدي لكم به، ولا تُطمعوا الناسَ في أمركم، فوالله لئن طَمِعوا فيها؛ لا رأيتُم منها إلا إدبارًا.

فقال علي : ومالك وهذا الأمر لا أُمَّ لك؟! فقال معاوية: دعْ عنك أمِّي، فليست بشرِّ أُمَّهاتكم؛ قد أسلمت وبايعت النبي ، وأجبني عما أقولُ لك.

فقال عثمان: صدق ابنُ أخي -يعني معاوية- ثم قال عثمان: إني أُخبركم عني وعمّا وَليتُ: إن صاحبيّ اللذين كانا قبلي ظلما أنفُسَهما ومَن كان بسبيلٍ منهما احتسابًا، وإن رسول الله كان يُعطي قرابتَه، وأنا في رَهْطٍ وعَيلَةٍ وفقرٍ وقلَّةِ معاش، فبسطتُ يدي


(١) في الطبري ٤/ ٣٤٢: خذ من الناس الذي عليهم إذا أعطيتَهم الذي لهم، فإنه خير من أن تدعهم.