للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في شيءٍ من ذلك؛ لمكاني مما أقومُ به فيه، ورأيتُ أن ذلك لي، فإن رأيتُم أن ذلك خطأ فردُّوه، فإن أمري لأمركم تبَع.

فقالوا: أعطيتَ عبد الله بن خالد بن أَسِيد خمسين ألفًا، ومروان خمسة عشر ألفًا، فقال: نَردُّ ذلك، فرضوا وانصرفوا راضِين.

وكان معاوية قد قال لعثمان: اخرجْ معي إلى الشام، فإن أهل الشام لم يُغيِّروا ولم يُبدِّلوا، فقال: لا أختار على جِوار رسول الله شيئًا، ولو كان فيه قَطعُ عُنُقي، قال: فأبعثُ إليك جيشًا يُقيم عندك، قال: لا أُقتِّر الأرزاقَ على أهل دار الهجرة، فقال: والله لتُغتالنَّ ولتُقتلَنّ، فقال: حسبي الله ونعم الوكيل، ومضى معاويةُ إلى الشام.

وقال هشام عن أبيه: أولُ مَن خلع عثمان بالكوفة عَمرو بن زُرارة بن قيس والكُمَيل بن زياد النَّخعيَّان وقالا: إن عثمان قد تَرك الحقَّ وهو يَعرفه، وولّى شراركم على صُلحائكم، واستأثر بالأموال، وقد خَلَعناه وبايَعنا عليًّا .

قال: وأوّلُ مَن خلعه بالمدينة عمار بن ياسر، نزع عِمامته وقال: اشهدوا أني قد خلعتُ عثمان كما خلعتُ عِمامتي هذه، ورمى بها إلى الأرض، فقال له سعد بن أبي وقاص: إنا لله، حين كَبرَ سِنُّك، ورق عظمُك خلعتَ رِبقةَ الإسلام من عُنقك، فقال عمار: مه إنه قد بدَّل وغَيَّر.

وروى سيف عن مُبشِّر بن الفُضَيل وسهل بن يوسف، عن محمد بن سعد بن أبي وقاص بمعناه، وقال: قدم عمار من مصر وأبي مريض، فبلغه فبعثني أدعوه، فلما دخل على سعد قال له: ويحك يا أبا اليقظان، إن كنتَ فينا لمن أهل الخير، فما الذي بلغني من سعيك في إفسادٍ بين المسلمين، والتَّأليب على أمير المؤمنين، فاهوى عمار إلى عمامته فنزعها، وذكره، فبكى سعد وقال: يا بُنيّ، مَن يَأمَنُ الفتنة، لا يَخرُجَنَّ منك ما سمعتَ منه.

وروى سيف عن أشياخه والبلاذري وهشام قالوا: لما رأى الناسُ ما صنع عثمان كتبوا من المدينة إلى الآفاق: هَلُمّوا إلى الجهاد الأكبر، فاتّفق أهلُ الأمصار على المسير إلى عثمان، وتواعدوا أن يُوافوا المدينة في شوال أو في رجب هذه السَّنة، فخرج من مصر أربع رِفاق على أربعة أمراء: عبد الرحمن بن عُدَيس البَلَوي على رُبع،