للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال البلاذري: وَرَد أهلُ مصر المدينة قبل ورود أهل العراق، فأتوا دار عثمان، ووثب معهم رجالٌ من الصحابة؛ منهم: عمار بن ياسر، ورِفاعة بن رافع الأنصاري وكان بدريًّا، والحجّاج بن عمرو بن غَزيّة وكان صحابيًّا، وعامر بن بُكَير الكِناني، فحصروه في داره، وهذا يُسمّى الحصار الأول.

قال: ولم يُنكر أحدٌ من الصحابة عليهم، بل كانوا يأمرونهم بجهاد عثمان؛ إلّا ثلاثة: زيد بن ثابت، أعطاه عثمان مئة ألف درهم، وحسان بن ثابت، وأبو أُسَيد الساعدي، وهذه روايات الواقدي والبلاذري (١).

رجع الحديث إلى سيف قال: فسار القوم من مصر والعراق، حتى إذا كانوا من المدينة على ثلاثة أيام تقدَّم ناسٌ من أهل البصرة فنزلوا ذا خُشُب، وناس من أهل الكوفة فنزلوا الأعوص، وناس من أهل مصر فنزلوا بذي المروة، وهم يُظهرون أنهم يَأمرون بالمعروف، ويسألون عثمان عن أشياء، ومشى فيما بين أهل مصر والعراق زياد بن النَّضْر وعبد الله بن الأصم وقالا: لا تَعجلوا حتى نَدخل المدينة ونَرتاد؛ فإنه قد بَلَغنا أنهم قد عسكروا لنا، فإن كان ذلك صحيحًا فقد خافوا واستَحلُّوا قتالنا، وإن كان باطلًا لم يخافوا منا، فقالوا: اذهبا.

فدخل الرجلان المدينة، فأتيا أزواجَ النبي ﷺ وطلحةَ والزبير وعليًّا وقالا: إنما جئنا نَؤمُّ هذا البيت، ونستعفي هذا الرجل من بعض عُمّالنا، ما جئنا إلا لهذا، واستأذنوهم في الدُّخول، فأبوا عليهما، فرجعا إلى إخوانهم.

ثم أتى نَفَرٌ من أهل مصر عليًّا، ونفرٌ من أهل الكوفة الزبير، ونفرٌ من أهل البصرة طلحة، وكلُّ طائفةٍ تقول: إن بايعنا صاحبنا (٢)، وإلّا قاتلناهم وفرَّقنا جماعتَهم.

قال سيف: فأتَوا عليًّا وهو في السُّوق عند أحجار الزيت، مُتقلِّدًا سيفَه؛ وقد سَرَّح الحسن إلى عثمان، فالحسن جالسٌ عند عثمان، وعليّ عند أحجار الزَّيت، فسلَّم المصريون على علي، وعرضوا له، فصاح بهم وطرَدَهم وقال: لقد علم الصالحون أن


(١) أنساب الأشراف ٥/ ١٨٠ - ١٨١.
(٢) في الطبري ٤/ ٣٥٠: إن بايعوا صاحبنا.