وفي رواية ابن سعد، قال ابنُ الزبير: يا أمير المؤمنين، قاتلْهم، فوالله لقد حلَّ لك قتالُهم أبدًا، وإن في الدّار عصابة مُستنصِرةً بنصر الله بأقلَّ منهم، فأذنْ لي فلأُقاتِلْ، فقال: أَنشُدُ الله -أو أُذكِّر الله- رجلًا أهراق فيَّ دمَه، أو فيَّ مِحْجَمةَ دمٍ.
وقال ابن سعد بإسناده عن ابن سيرين قال: كان مع عثمان في الدَّار يومئذٍ سبعُ مئة، لو يَدعهم لضَربوهم حتى يُخرجوهم من أقطارها، ابنُ عمر والحسن بن علي وابن الزبير.
وقال ابن سعد عن الواقدي بإسناده، عن أبي جعفر القاري مولى ابنِ عياش المخزومي قال: كان المصريّون الذين حصروا عثمان ستّ مئة، رأسُهم عبد الرحمن بن عُدَيس البَلَوي، وكِنانة بن بشر بن عَتَّاب الكِندي، وعمرو بن الحَمِق الخزاعيّ، والذين قَدِموا من الكوفة مئتين، رأسُهم مالك الأشتر النّخَعي، والذين قدموا من البصرة مئة، رأسُهم حُكَيم بن جَبَلة العبدي، وكانوا يدًا واحدة في الشرّ، وكان حُثالةٌ من الناس قد ضَوَوا إليهم، قد مَرِجَت عُهودُهم وأمانتهم، مَفتونون، وكان أصحابُ النبي ﷺ الذين خَذلوه كرهوا الفِتنة، وظنوا أن الأمر لا يَبلُغُ قتلَه، ثم ندموا على ما صنعوا في أمره، ولعَمري لو أقاموا أو أقام بعضُهم فحثا في وجوههم التُّراب لانصرفوا خائبين.
وحكى ابن سعد، عن الواقدي، عن الحكم بن القاسم، عن أبي عون مولى المِسور بن مَخْرَمة قال: ما زال المصريُّون كافّين عن دمه وعن القتال حتى قدمت أمدادُ وفود أهل العراق من الكوفة والبصرة، فلما جاؤوا شَجُعَ القوم حين بلغهم أن البُعوثَ قد فَصَلَتْ من العراق من عند ابن عامر، ومن مصر من عند ابن سعد، فقالوا: نُعاجِلُه قبل أن تَقدم الأمداد.
وفي رواية: وكان عثمان قد كتب إلى عُمَّاله: الوَحا الوَحا، فنَفروا على الصَّعبة والذَّلول.
وحكى ابن سعد، عن الواقدي، عن أشياخه، قال مالك بن أبي عامر: خرج سعد بن أبي وقاص من عند عثمان وهو محصور، فرأى عبد الرحمن بنَ عُدَيس، والأَشتر النَّخَعيّ، وحُكَيم بن جَبَلَة، فصَفّق بيده على الأُخرى، ثم استَرجعَ وقال: إن أمرًا