للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال هشام: كتب عثمان إلى عليّ وهو محصور: [من الطويل]

فإن كنتُ مأكولًا فكنْ أنت آكِلي … وإلا فأدرِكْني ولما أُمَزَّقِ (١)

فقام علي متقلِّدًا سيفَه، وقام إليه بنو هاشم فقالوا: نخافُ عليك القتل، والله لا نُمكّنك من المضيّ أبدًا.

وروى ابن إسحاق، عن أشياخه قال: لما طَلب عثمان عليًّا جاء مُتقلدًا لسيفه، يَشُقُّ الصّفوف، حتى وقف بباب عثمان، وقال لابنه الحسن: ادخل إليه، وقل له: إنما جئتُ لنُصرتِك، فما تأمُرني؟

فقال: قلْ له: لا حاجةَ لي في إهراق الدّماء، فخرج إليه فأخبره، فرمى عمامتَه وقال: الله أكبر ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيبِ﴾ [يوسف: ٥٢].

وقال البلاذريّ: الأصح أن عثمان قُتل وعلي بظاهرِ المدينة، في قريةٍ يُقال لها البُغَيبِغَة (٢).

وقال المسعودي: لما أحدقوا بالدار طَلبوا من عثمان أن يُسْلم إليهم مروان، فأبى (٣).

ولما بلغ عليًّا أنهم قاتلوه أرسل إليه بالحسن والحسين مع مواليه بالسلاح يقاتلون عنه، وبعث إليه طلحةُ ابنَه محمد، والزبير ابنَه عبد الله.

وقال الواقدي: جاءهم عبد الله بن سلام، فوقف عليهم وصاح: يا قوم، إنه والله ما قتلت أمّةٌ نبيًّا إلا قُتل مكانه سبعون ألفًا، ولا قتل قومٌ خليفةً إلا قُتل مكانه خمسةٌ وثلاثون ألفًا، فسَبُّوه وقالوا: يا ابنَ اليهوديّة.

وقال عثمان لعبيده: مَن أغمد سيفَه فهو حُرّ، فبينما عثمان كذلك أحرقوا الباب.

قال الواقدي: لما مضى من الحصار خمسةٌ وثلاثون يومًا، وقد طرحوا رُقَباء على علي وطلحة والزبير، وقالوا: إن تَحرّكوا اقتُلوهم، فلما حِيل بينهم وبين عثمان بعثوا


(١) البيت في الأصمعيات ١٦٦ للممزّق العبدي.
(٢) انظر أنساب الأشراف ٢/ ١٤٨.
(٣) انظر مروج الذهب ٤/ ٢٨١.