إليه بأولادهم، فقال عثمان: أَغمِدوا سيوفكم، وما صَبري إلا بالله، فإني رأيتُ رسول الله ﷺ وأبا بكر وعمر في المنام وهم يقولون: اصبر، فإنك ستصلُ إلينا في وقت كذا وكذا، في اليوم الذي قُتل فيه.
قال: وبلغ القوم أن الأمدادَ واصلةٌ إليهم، فجَدُّوا في أمره، ومَنَعوه الماء، فأرسل إلى علي وطلحة والزبير وأزواج النبي ﷺ يقول: قد مَنعوني الماء، فجاء عليّ إليهم، فوقف عليهم وقال: إن الروم تأسِر فتُطعم وتَسقي، وفِعلُكم لا يُشبِه فعلَ المسلمين ولا فعلَ الكافرين، فقالوا: لا ولا كَرامة، لا نَسقيه ولا نُطعمه حتى يَخلعَ نَفْسَه.
وجاءت أمُّ سلمة، وقيل أم حبيبة، زوجةُ النبي ﷺ كبةً على بغلةٍ، وهي مُشتملةٌ على إداوةٍ، فقالت لهم: إن وصايا بني أمية عند هذا الرجل، وإني أحبُّ لقاءه، فقالوا: كذبْتِ، وقُطع ذَنب بَغْلتها بالسيف، فلم تصل إليه.
قال: وخرجت عائشة هاربة إلى مكة، سألت أخاها محمدًا أن يَصحَبها فأبى.
وقال هشام: عَزمَتْ عائشةُ على الحجِّ وعثمان مَحصور، فجاءها مروان فقال: أتخرجين وأميرُ المؤمنين محصور؟ لا تفعلي، فإن مقامك مما يَدفع الله به، فأبت فتمثّل مروان:[من المتقارب]
وحَرَّقَ قيسٌ عليَّ البلادَ … حتى إذا استَعَرَتْ أجذَما
فقالت عائشة: أيُّها المتمثِّل عليَّ بالأشعار، وددتُ والله أنك وصاحبَك هذا الذي يَعْنيك أمرُه؛ في رِجل كلِّ وإحدٍ منكما رَحى، وأنكما في البحر، ثم خرجت.
وقال ابن إسحاق: أشرف عثمان من داره وقد اشتدَّ به العَطَش، فقال: هل فيكم من يُبلِّغ عليًّا عَطَشنا، فأبلغوه، فأرسل إليه بثلاث قِرَب من الماء مع عبيده وطائفةٍ من بني هاشم، فما وصلت إليه إلا بعد مشقّة.
وكانوا قد وَكلوا بعلي وطلحة والزبير رُقَباء، فوضعوا على علي خالد بن مُلْجَم في نفرٍ، وعلى طلحة سُودان بن حُمْران، وقالوا: إن تحرّكوا اقتلوهم.