ولما ضرب سودان بن حُمران يدَ نائلة فأطنّها وثب غلامٌ لعثمان فقَتل سودان، وقاتل مروان وبنو أمية حتى أُثخثوا بالجراح، وجُرح الحسن بنُ علي، وقَنْبر، وابنُ الزبير، وابن عمر جراحات كثيرة، وكان مروان يَحمل ويقول: لا يُقتل [ابنُ] عَمّي وأنا أسمع الصوت.
وقال الواقدي: لما أحرقوا الدار قال عثمان: ما بعد الحريق من خير، فاحترقت السّقوف والأبواب، وقال عثمان: مَن كان لي عليه طاعة فليُمْسك يده، فإنما يُريد القومُ قتلي، وسيندمون بعدي، ولو تركوني لظننتُ أني لا أُحبُّ الحياة، قد تغيَّر حالي، وسقطت أسناني، ورقّ عظمي، ثم قال لمروان: اقعُدْ ولا تَخرجْ، فقال مروان: والله لا يُخلَص إليك وأنا أسمع الصَّوت، ثم حمل مروان وهو يقول:[من الرجز]
قد عَلمتْ ذاتُ القرونِ المِيلِ … والكَفِّ والأناملِ الطُّفولِ
فضربه ابنُ البيّاع بالسيف على رقبته من خلفه فأثبته، فوقع على وجهه صريعًا، فأخذتْه فاطمة بنت أوس جدَّةُ إبراهيم بن العربي، فأدخلتْه بيتَها، فكان بنو عبد الملك يَعرفون ذلك لآل عَربي.
وفي رواية هشام: أن مروان خرج من الدَّار وصاح: هل من مُبارز؟ فقال عبد الرحمن بن عُدَيس لرجل: قُمْ إليه، والذي برز إليه يُقال له عُروة، فضربه على عُنُقه فأثبَتَه، فخرَّ صريعًا، فأراد عُبيد بن رفاعة الزُّرقي أن يُدَفّفَ على مروان، فوَثبت فاطمة أَمُّ إبراهيم بن عَربي صاحب اليمامة، وكانت قد أرضعت مروان، فقالت: إن كنتَ تُريد قتلَ الرجل فقد قُتل، وإن كنتَ تُريد تَلعبُ بلحمه فهذا قبيحٌ، فكفَّ عنه، فما زال بنو مروان يَعرفون لها ذلك حتى استعملوا ابنَها إبراهيم فيما بعد.
وحكى الطبري عن حُسين بن عيسى، عن أبيه قال: لما مضت أيامُ التّشريق أطافوا بدار عثمان، وأبي إلا الإقامة على أمره، فأرسل إلى حَشَمه وحاشيته فجَمَعهم، فناداه