للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجلٌ من أصحاب رسول الله من أسلم، يقال له: نيار بن عِياض، وكان شيخًا كبيرًا: يا عثمان، فأشرف عليه من داره، فناشده الله وذكّره لما اعتزلهم، فرماه رجلٌ من أصحاب عثمان بسهمٍ فقتله، وزعموا أن الذي رماه كثير بن الصَّلْت الكِندي، فقالوا لعثمان: ادفع إلينا قاتلَ نيار لنقتُلَه به، فقال: لم أكن لأدفعَ رجلًا نَصَرني، وأنتم تُريدون قتلي، فلما قال لهم ذلك ثاروا إلى بابه فأحرقوه، وخرج عليهم مروان من دار عُثمان في عصابة، وخرج سعيدُ بن العاص في عصابة، فاقتتلوا قتالًا شديدًا.

وكان الذي جَرَّأهم على القتال أنه بلَغهم أن مَدَدًا من أهل البصرة نزلوا صِرارًا -وهي من المدينة على لَيليةٍ- وأن أهلَ الشام قد توجَّهوا مُقبِلين، فاقتتلوا، وجُرح عبد الله بنُ الزبير جِراحات كثيرة، وحمل رفاعة بن رافع الأنصاري على مروان فأثبته، ونزع عنه وهو يرى أنه قد قتلَه.

ثم انهزم أصحابُ عثمان فالتجؤوا إلى القصر، واعتصموا ببابه، فلم يزل الناس يَقتتلون حتى فتح عمرو بن حَزْم الأنصاري بابَ داره، وهي إلى جانب دار عثمان، ثم نادى الناس، فأقبلوا إليه، فدخلوا عليهم في داره فقتلوهم في جوْفِ الدار، حتى انهزموا وخَلّوا لهم عن باب الدّار، فخرجوا هاربين في أزِقَّة المدينة، وبقي عثمان في ناس من أهل بيته وأصحابه، فقُتل عثمان وقُتلوا معه.

وحكى الطبريّ عن يعقوب بن إبراهيم بإسناده، عن أبي سعيد مولى أبي أسَيد الأنصاري: أن عثمان أشرف عليهم وقال: السلام عليكم فما ردَّ أحدٌ منهم عليه، فقال: أَنشُدكم بالله، هل علمتُم أني اشتريتُ بئرَ رُومَةَ من مالي؟ قيل: نعم، قال: فعلام تَمنعوني أن أشربَ منها؟! وذكر أنه اشترى قطعة من الأرض فأدخلها في المسجد، وذكر أشياء.

ثم فتح الباب، ووَضَعَ المصحفَ في حجره، فدخل محمد بن أبي بكر، فأخذ بلحيته، فقال له: لقد أخذتَ مني مَأخذًا، وقعدتَ مني مقعدًا، ما كان أبوك ليَأخُذَه ويَقعُدَه، فخرج وتركه.

قال: فدخل عليه رجلٌ يُقال له: الموت الأسود، فخَنقه ثم خرج وهو يقول: والله ما رأيتُ شيئًا ألينَ من حَلْقه، ولقد خنقتُه حتى رأيتُ نَفَسه يَتردَّدُ في جسده كنَفَس