للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المخرج؛ لأنهم كانوا يَقضون حوائجَهم في البساتين (١).

وروي عن أبي بَشير العابدي قال: نُبِذ عثمان ثلاثةَ أيام لا يُدفن، ثم إن حكيم بن حِزام وجُبَير بنَ مُطعم النَّوفلي كلّما عليًّا في دَفنِه، وطلبا أن يَأذن لأهله في ذلك، فأذِن لهم، فلما سمع القوم ذلك قَعدوا له على الطريق بالحجارة، وخرجوا به يُريدون حُشَّ كوكب؛ مكانًا كانت اليهود تَدفن فيه موتاهم، فلما خرجوا به رَجموا سَريره بالحجارة، وهمُّوا بطَرْحه، وبلغ عليًّا، فأرسل إلى الناس يَعزم عليهم ليَكُفُّوا عنه، فانطلقوا به، فدفنوه في حُشّ كوكب، فلما ظهر معاوية بن أبي سفيان على الناس أمر بذلك الحائط فهُدِم حتى أفضى به إلى البَقيع، وأمر الناسَ أن يَدفنوا موتاهم حول قبره، حتى اتّصل ذلك بمقابر المسلمين.

وروى الطبري عن أبي كَرِب -وكان عاملَ عثمان على بيت المال- قال: دُفن عثمان فيما بين العشاء والعَتَمة، ولم يكن في جنازته إلا مروان بن الحكم، وثلاثة من مَواليه، وابنتُه الخامسة، فرفعت ابنتُه صوتَها تَندُبه، فأخذ الناسُ الحجارة وقالوا: نَعثَل نعثل، فكادت أن تُرجَم، فدفنوه في الحائط.

وحكى الطبري عن سيف: أن مروان بن الحكم حضر جنازته وصلّى عليه (٢)، وهو وهم، لم يحضر مروان جنازته، كان مجروحًا مُثْخَنًا، وهرب إلى مكة.

قال الواقدي: الثّبتُ عندنا أنه صلى عليه جُبير بن مطعم.

قال الواقدي بإسناده عن مَخرَمة بن سليمان الوالبي قال: قُتل عثمان يوم الجمعة ضَحوةً، فلم يَقدروا على دفنه، وأرسلت نائلة بنتُ الفَرافضة إلى حُويطب بن عبد العُزَّى، وجُبير بن مُطعم، وأبي جَهم بن حُذيفة، وحَكيم بن حزام، ونِيار الأسلمي فقالوا: إنا لا نَقدر أن نَخرُجَ به نهارًا، هؤلاء المصريون على الباب، فأمْهِلوه إلى ما بين المغرب والعشاء.

فدخل القوم فحِيل بينهم وبينه، فقال أبو جَهم: والله لا يَحول بيني وبينه أحدٌ إلا متُّ


(١) الصحاح: (حش).
(٢) تاريخ الطبري ٤/ ٤١٥ وما سلف من الأخبار فيه ٤١٢.