للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دونه، احملوه، فحملوه حتى انتهَوا إلى البقيع، وتبعتهم نائلة وبيدها سراج، فانتهوا به إلى نَخَلات عليها حائط، فرَقَوا الجدار، ثم دفنوه في تلك النّخلات، وصلى عليه جُبير بن مُطعِم، وذهبت نائلة تتكلّم فزَبَرها القوم وقالوا: إنا نَخاف عليك من هؤلاء السّفهاء، فرجعت إلى منزلها.

وقال الواقدي بإسناده عن عبد الله بن ساعدة قال: لَبث عثمان بعدما قُتل لَيلتين لا يستطيعون دفنَه، [فلما وُضع ليُصَلّى عليه جاء نفرٌ من الأنصار يمنعونهم الصلاة عليه] فقال أبو جهم: ادفنوه، فقد صلى الله عليه وملائكتُه فقال المصريون. لا والله، لا يُدفَن في مقابر المسلمين أبدًا، فدُفِن في حُشّ كوكب، ملكت بنو أمية أدخلوا ذلك الحشّ في البقيع، فصار مقبرة بني أمية.

وقال الواقدي: حدثتي عبد الله بن موسى المخزومي قال: لما قُتل عثمان أرادوا حزَّ رأسِه، فوَقعت عليه نائلة وأمُّ البنين، وصِحْنَ وضربْنَ الوجوه وخَرقن الثياب، فقال ابنُ عُدَيس: اتركوه، فأُخرج عثمان إلى البقيع، ولم يُغسل، وأرادوا أن يُصلّوا عليه في موضع الجنائز فأبَت الأنصار (١).

وفي رواية ابن سعد: فحملوه على باب، وإن رأسه ليَقْرعُ الباب لإسراعهم به من شدَّة الخوف (٢).

وقال سيف عن أشياخه: ولم يُغسل عثمان ولا غُلاماه اللذان قُتلا معه، وهما نجيح وصبيح، فأمّا عثمان فدُفن، وأمّا الغلامان فجرُّوا برجلَيهما، وألقوهما على البَلاط فأكلتهما الكلاب.

وقال ابن سعد بإسناده عن عبد الله بن نِيار الأسلمي، عن أبيه قال: لما حجّ معاوية نظر إلى بيوت أسلم شَوارع في السوق فقال: أَظلِموا بيوتَهم أظلم الله عليهم قبورَهم قتلةَ عثمان.

قال نِيار بن مُكرم: فخرجتُ إليه وقلتُ: أتُظلِم عليّ بيتي وقد حملتُ عُثمان وقبرتُه


(١) الأخبار السالفة في الطبري ٤/ ٤١٣ - ٤١٤.
(٢) طبقات ابن سعد ٣/ ٧٥.