وقال الواقدي: حدثني ربيعة بن عثمان، عن يزيد بن رُومان. قال: بعثتْ نائلةُ بقميص عثمان، وعليه دمُه وأصابعُ يدِها، مع النعمان بن بشير، وكتبت كتابًا فيه: وأمير المؤمنين، بُغي عليه، وحُصِر في داره، ومُنع الماء، واحترق بابُه، ودخلوا عليه فأخذوا بلحيته، وضربوه على رأسه، وطعنوه بمشاقِصَ، وكسروا أضلاعَه، ولوَّثوا مُصحفَه بدمه، واستجار فلم يُجره أحدٌ منهم، ولعبوا برأسه بأرجُلهم، ونهبوا أمواله، واستحلوها مع دمه، ودفنّاه ليلًا ونحن نرتقبُ القتلَ … وذكرت كلامًا طويلًا.
فلما قدم النعمان بن بشير وقَرُبَ من دمشق نشر القميصَ وعليه الدّم، وعَلّق أصابعَ نائلة، وخرج معاوية إلى لقائه ومعه الناس، وقيل: بل جلس له مَجلسًا عامًّا، فلما قرأ الكتاب قام قائمًا، أو نزل من دابّته، وحثى التراب على رأسه، ومَزّق ثيابَه، وفعلوا بنو أمية كذلك، وارتفع البكاءُ والنّحيب، وكان يومًا عظيمًا لم يُرَ في الإسلام مثلُه، ثم صَعد منبرَ جامع دمشق، وقرأ الكتاب على الناس، فازدادوا بكاءً وعويلًا، وعلَّق القميصَ والأصابع على المنبر سنة، يَنتابُه الناس من كلّ مكان، وآلى أهلُ الشام أن لا ينامون على فُرُشٍ، ولا يأكلون سمينًا، ولا يَقربون النّساء حتى يَقتلوا قَتلةَ عثمان.
ذكر حاجبه وكاتبه وقاضيه ونَقش خاتمه:
قال هشام والواقدي وغيرهما: كان مروان بن الحكم كاتبه، وحُمران مولاه حاجبه، وزيد بن ثابت قاضية، وقيل شُريح بن الحارث، والأوّل أصحّ، وفي نقش خاتمه قولان، أحدهما: آمن بالله العظيم عثمان مخلصًا، والثاني: لتَصبِرَنَّ أو لتَندَمَنّ.
ذكر أولاد عثمان ﵁ وأزواجه:
قد ذكرهم علماء السِّيَر: كابن سعد، والواقدي، وهشام بن محمد والبلاذري والطبري وغيرهم.
فقال ابن سعد: كان لعثمان من الولد سوى عبد الله بن رُقَيّة: عبد الله الأصغر دَرَج، وأمُّه فاختة بنت غزوان بن جابر، ونسبها إلى قيس بن عَيلان، قال: وعمرو، وخالد، وأبان، وعمر، ومريم الكُبرى، وأمُّهم أمّ عمرو بنت جُندب بن عمرو، أزديّة.
قال: والوليد، وسعيد، وأمّ سعيد، وأمهم فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مَخزوم.