للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظفرًا، فاستأجَرتْه على أن يَطوي البلاد ويأتي عليًّا بكتابها، فقَدِم على عليّ بكتاب أمّ الفضل بالخبر (١).

قلت: ليس في الصحابيات مَن كُنيتُها أمُّ الفضل سوى أم الفضل ابنة الحارث الهلالية، زوجة العباس بن عبد المطلب، وقد تقدَّمت وفاتُها (٢)، فإن كان الطبري أشار إليها فقد وَهم.

وقال الواقدي: قالت عائشة لابن عمر: تخرُجُ معنا؟ فقال: مَعاذ الله أن أدخل في الفتنة.

وذكر هشام: أن أم سَلَمة جاءت إلى عائشة فقالت لها: إن حجابَ الله عليك لم يُرفع، وما أنتِ يا هذه وهذا الأمر، وقد تنازعته الأيدي وتهافتَ فيه الرجال، وتسكينُه للمسلمين أصلح، فأبقِ على رسول الله من الافتضاح في زوجته، واتَّقِ دمًا لم يُبح الله لك، فلما رأتها لا تُصغي إلى نُصحها قالت هذه الأبيات: [من الطويل]

نصحتُ ولكن ليس للنُّصح قابِلٌ … ولو قبلتْ ما عنَّفَتْها العواذِلُ

كأني بها قد رَدَّت الحرب رحلها … وليس لها إلا التَّرَحُّلُ راجِلُ

وقال الجوهري: قالت أمُّ سَلَمة لعائشة: قد جَمّع القرآنُ ذَيلَكِ فلا تَنْدَحِيه، أي: لا تُوسِّعيه بالخُروج إلى البصرة، والنُّدْحُ بالضم: الأرض الواسعة (٣).

قلت: إلا أن الصحيح من الروايات أنه لم يكن بمكة في هذه السنة إلا عائشة وحفصة، وفي حفصة خلافٌ، وأن أم سلمة كانت بالمدينة، ويُحتمل أنها كتبت إلى عائشة بذلك، ولما عادت عائشة من البصرة إلى المدينة كانت تُنشد البيتين وتبكي.

وقال سيف والهيثم بنُ عديّ: لما خرجت من مكة خرج نساءُ أهل مكة معها إلى ذات عِرْق لوَدَاعِها، فلم يُرَ باكيًا في الإسلام مثل ذلك اليوم، ويسمَّى يوم النَّحيب.

وحكى سيف عن الأغرّ قال: لما أجمع القوم على الطلب بدم عثمان وقتال السبئيّة


(١) تاريخ الطبري ٤/ ٤٥١.
(٢) في سنة أربع وعشرين.
(٣) الصحاح: (ندح).