للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعاد كعب إلى البصرة، وبلغ عليًّا الخبر، فكتب إلى عثمان بن حُنَيف يلومه ويُعَجِّزُه ويقول: والله ما أُكرِها، ولقد بايعا طوعًا، فإن كانا يُريدان الخلع فلا عُذرَ لهما، وإن كانا يُريدان غير ذلك نظرنا.

وقدم كعب إلى البصرة، وقدم كتابُ علي إلى عثمان، فأخبر كعب الناسَ بما رأى، فأرسلت عائشة إلى عثمان تقول: اخرج عنا فقد أقرَّ الجمُّ الغَفِير بالحقّ، فاحتجَّ عليهم بكتاب على وقال: هذا كتابُ أمير المؤمنين، وقد جاء أمرٌ آخر، وما لكم عندنا سوى السيف.

فأمهل طلحةُ والزبير، حتى إذا كانت ليلةٌ مُظلمةٌ ذاتُ رياح، قصدا المسجد بالرجال والسّلاح، وكان عثمان يُؤخّر الصلاة فقَدَّم القومُ عبد الرحمن بن عَتَّاب، وجاء عثمان في جماعةٍ من أصحابه، فدخل في الصلاة، فوضع فيهم أصحابُ طلحة والزبير السِّلاح، فقتلوا منهم أربعين رجلًا، وأخذوا عثمان قبضًا، وأخرجوه من المسجد وقد نتَفوا رأسه ولحيتَه فما أبقوا فيه شعرة، وأرسلوا إلى عائشة يَستطلعون رأيَها فيه، فأرسلت إليهما: خَلُّوا سبيلَه ولا تَحبسوه، وليذهب أين شاء.

وفي رواية الطبري عن أبي مِخنَف قال: لما أخذوا عثمان بن حُنَيف أرسلوا أبانَ بن عثمان إلى عائشة يَستشيرونها في أمره، فقالت: اقتلوه، فقالت لها امرأة كانت عندها: نَشدتُك الله يا أمّ المؤمنين في عثمان وصُحبتِه لرسول الله ، فقالت: احبسوه ولا تقتلوه.

وقال مُجاشع بن مسعود: اضربوه، وانتِفوا شعرَ لحيته ورأسِه وحاجبيه وأشفار عينيه، واضربوه أربعين سَوطًا واحبسوه، ففعلوا به ذلك (١).

وروي عن الزهري أنه قال: إنما لم يَقتلوا عثمان بن حُنَيف لأنهم خافوا غَضَبَ الأنصار بالمدينة على أهاليهم أن يُقتِّلوهم.

رجع الحديث إلى سيف بن عمر، عن محمد وطلحة قالا: وأصبح طلحة والزبير وبيتُ المال في أيديهما، فبعث إليهما حُكيم بن جَبَلة وهو في جمعٍ كثير يقول: أطلِقا


(١) تاريخ الطبري ٤/ ٤٦٨ - ٤٦٩ وما قبله وما بعده منه.